خاص بالموقع | PM 10:58موسكو ــ حبيب فوعاني
بعد سبعة أعوام من الانقطاع، يعاود الخبراء الروس والأميركيون، اليوم، الجلوس إلى طاولة المباحثات في العاصمة الروسية، موسكو، للتحضير لمعاهدة جديدة حول الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، لتحل مكان المعاهدة الحالية «ستارت ـــــ 1»، التي ينتهي مفعولها في كانون الأول المقبل.

ويرأس مدير دائرة الأمن ونزع السلاح في وزارة الخارجية الروسية، أناتولي أنطونوف، وفد بلاده المفاوض، أما الوفد الأميركي، فترأسه مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية، روز غوتيمولر، التي يُتوقع أن تقدم أول اقتراحات بلادها بشأن المعاهدة المرتقبة.

ويُعتبر الحدّ من الرؤوس النووية والصواريخ الحاملة لها المخزنة في المستودعات الأميركية والروسية، إحدى نقاط الخلاف بين الطرفين، إذ سبق لغوتيمولر أن كشفت مطلع الشهر الجاري، بأن المعاهدة الجديدة المنوي وضعها حيز التنفيذ، تنظر فقط في الحد من الرؤوس النووية الموزعة في العالم والمنصات التي تحملها، بينما يشترط الروس توسيع النقاش ليطال الحدّ من الرؤوس المخزّنة في المستودعات أيضاً. موقف أفصح عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي قال إن الأهم هو التوصل إلى اتفاق يشمل جميع الرؤوس وحواملها، لأن «من الضروري معرفة كيف سيتم احتساب الرؤوس المخزنة».

ويجدر أن يتوصل المتفاوضون إلى اتفاقات مبدئية قبل حلول السادس من تموز المقبل، موعد زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى موسكو، لأن الاتفاق على المعاهدة الجديدة سيكون الموضوع الأساسي للمباحثات بينه وبين نظيره الروسي ديمتري مدفيديف.

لكن، حتى في حال توصل الوفدين إلى اتفاق قبل هذا التاريخ، فمن الصعب أن يكون نص المعاهدة الجديدة جاهزاً بحلول كانون الأول المقبل. وبحسب تأكيد الجنرال الروسي المتقاعد فلاديمير دفوركين لإذاعة «صدى موسكو»، فإن ذلك سيتطلب وقتاً طويلاً، لأن مشاركة وزارة الدفاع الروسية ستكون ضرورية في المباحثات، فيما لم تعد هذه الوزارة تضمّ متخصصين بملف نزع السلاح النووي منذ تفكك الاتحاد السوفياتي.

وبالإضافة إلى المشاكل التقنية، يبرز خلاف سياسي حول الاتفاق، إذ أشار رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أخيراً، إلى أن روسيا ستربط ما بين مسألة نشر الدرع الصاروخية في بولندا وتشيكيا من جهة، والاتفاق حول الأسلحة الهجومية الاستراتيجية من ناحية أخرى. غير أن الإدارة الأميركية الجديدة لا تزال تعترض على ذلك، مصرّة على ربط مسألة الدرع الصاروخية بالتقدم في الملف النووي الإيراني، وهو ما ترفضه موسكو.

ويرى عضو المجلس القومي للسياسة الخارجية والدفاع في مجلس الدوما، سيرغي كارغانوف، أنّ روسيا لن تقبل بأي خفض لترسانتها الاستراتيجية النووية إذا لم تُحلّ مشكلة نصب الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية.

ويعتقد البعض بأن التوصل إلى معاهدة جديدة يمثل اختباراً لجدية واشنطن في «إعادة تشغيل» حقيقية للعلاقات مع موسكو. كل ذلك في ظل تصاعد خيبة الدبلوماسيين الروس إزاء إدارة أوباما، ما يعني أن قمة أوباما ـــــ مدفيديف يمكن أن تكون موعداً لعود الحرب الباردة بشكل أو بآخر.

وعلى الرغم من هذه التحديات التي تعترض التوصل إلى معاهدة جديدة، فقد شدد الجنرال الروسي المتقاعد بافل زولوتاريوف على أنّ موسكو وواشنطن تستطيعان التوصل إلى حلول وسطى حول الكثير من المسائل، بما فيها مسألة الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية، متوقعاً أن تبدأ عملية التصديق على المعاهدة الجديدة في عام 2010.

وكانت معاهدة «ستارت 1» قد وُقّعَت في موسكو في 31 تموز 1991 بين الرئيسين في حينها؛ السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، والأميركي جورج بوش الأب، بهدف خفض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية والحدّ من انتشارها. ودخلت المعاهدة حيز التطبيق في 5 كانون الأول عام 1994، وينتهي مفعولها في 5 كانون الأول 2009.

وبموجب هذه الاتفاقية، تعهّد البلدان بخفض «الحوامل الاستراتيجية للأسلحة النووية» (الصواريخ المنصوبة في منصات الإطلاق الأرضية، وعلى السفن والغواصات وعلى القاذفات الاستراتيجية الثقيلة)، في مهلة 7 أعوام، إلى 1600 قطعة. أما الرؤوس النووية، فجرى الاتفاق على خفضها إلى 6 آلاف.

وفي عام 2001، أعلنت واشنطن وموسكو إتمام تنفيذ شروط المعاهدة، إذ بقي لدى روسيا 1136 حاملاً استراتيجياً و5518 رأساً نووياً، بينما احتفظت الولايات المتحدة بـ1237 حاملاً استراتيجياً و5948 رأساً نووياً. وتلاها في عام 2002، توقيع على معاهدة أخرى في موسكو، نصت على مواصلة البلدين تقليص أسلحتهما الاستراتيجية الهجومية إلى ما بين 1700 و2200 رأس نووي لدى كل منهما بحلول 31 كانون الأول عام 2012.