يرفع شعارات تحاكي وجدان عناصر «الباسيج» والحرس والحوزةطهران ــ محمد شمص
يرى القيادي الإصلاحي، مهدي أحمدي فولادي، أن السلطة ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون في إيران، يسعيان إلى إفشال تقدّم مرشَّحَي الاصلاحيين: الأمين العام لحزب «اعتماد مللي» مهدي كروبي، ورئيس الوزراء الأسبق مير حسين موسوي.
ويرى فولادي أن نسبة خمسين في المئة من المشاركة في هذه الانتخابات التي تجري في 12 حزيران المقبل، ستفضي إلى نتائج لمصلحة المحافظين ومرشحهم الأقوى الرئيس محمود أحمدي نجاد. لكنه يعتقد أنه إذا ما استطاع الإصلاحيون استنفار قواعدهم الناخبة والمستقلّين، وحثّهم نحو مشاركة كبيرة، فسيكون النصر حليفهم ويفوزون بكرسي الرئاسة.
ويدعو فولادي، وهو رئيس الماكينة الانتخابية للمرشح موسوي في محافظة مازندران (شمال)، المسؤولين في التلفزيون الحكومي إلى «الحياد وعدم الاستنساب في الدعاية والمناظرات التلفزيونية للمرشحين».
ولأن شريحة من القاعدة الإصلاحية لا تجد نفسها ممثَّلة في أي من المرشحين، موسوي أو كروبي، لاقتراب خطاب الأول من المحافظين ومبادئ الثورة الايرانية، وعدم التزام الثاني بأهم شعارات الحركة الإصلاحية، أي التعديلات الدستورية وإعادة النظر في صلاحيات الولي الفقيه، يسود الاقتناع بأن من الصعوبة بمكان، إقناع هؤلاء بالمشاركة والحضور عند صناديق الاقتراع في الثاني عشر من حزيران.
مخاوف تزامنت مع تصريحات لكوادر إصلاحية شككت في نزاهة الانتخابات وسلامتها، ووصفتها مصادر محافظة بأنها اعتراف مسبق بالهزيمة ومحاولة يائسة لتبرير خسارتها الأكيدة في معركة الرئاسة، بينما رأى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، أنها «تكرار للدعاية الغربية التي تسعى إلى تقويض الانتخابات وإفشالها»، محذّراً من الانزلاق في هذا المشروع، وبذلك لن يؤدي إلى أي نتيجة ولن يزيد من أصوات الناخبين لأصحابها.
لكن الإصلاحيين لم يستنفدوا إمكاناتهم أو أسلحتهم في هذه المعركة، حيث يقود المهندس موسوي خطاباً انتخابياً ذكياً ومدروساًً. فهو لم ينكر تحالفه مع الإصلاحيين وتنسيقه معهم رغم إعلانه أنه مرشّح مستقل. خطوة أراد من خلالها جذب شريحة من الناخبين المحافظين الناقمين أو المعارضين لسياسات نجاد وحكومته.
أمّا ترشّح القائد السابق للحرس الثوري، محسن رضائي، فقد جاء مرشحاً وسطياً للاستفادة من هذه الثغرة أيضاً، أي وجود شريحة من ناخبي الجناح المحافظ، تعارض نجاد بسبب إخفاقاته في المجال الاقتصادي. وبالتالي إن أحد الأهداف من ترشّح رضائي، هو قطع الطريق أمام موسوي وإفقاده القدرة «التجييرية» لهذه الكتلة الناخبة لمصلحته.
من جهته، لم يفوّت موسوي الفرصة، فهو يحاول الإفادة من كل أوراق القوة في حوزته، رافعاً شعارات تلامس وجدان عناصر التعبئة «الباسيج» والحرس الثوري والحوزة الدينية، في محاولة لاستمالتهم، وجذبهم نحوه؛ كدعوته الإيرانيين مثلاً إلى العودة إلى الخط الأصيل للإمام الخميني الراحل، والتزامه العملي نهج ولاية الفقيه.
حتى إن أنصار موسوي رفضوا حضور ومشاركة أحد أهم منظّري التيار الإصلاحي، سعيد حجاريان، الذي نجا من محاولة اغتيال في عهد الرئيس السابق محمد خاتمي، في احتفال جماهيري أُقيم في مدينة قم الدينية. رفضوا الحضور خشية إثارة الحساسيات واستفزاز المرجعية الدينية، التي تؤكد أنها على مسافة واحدة من كل المرشحين للرئاسة.
موسوي يدرك أيضاً أن كروبي منافس لا يقلّ خطورة عن نجاد. لذلك قرر التفاهم معه على خوض المعركة، من دون أن يأخذ أحد شيئاً من طريق الآخر، أو يفسد عليه، أو يتعرّض له خلال حملاته الدعائية. وقد أقال كروبي أخيراً مستشاره محمد زارعي فومني، على خلفية تصريحات في مقابلة صحافية، انتقد فيها المرشح موسوي.
تتألف أهم قوة داعمة لـ«شيخ الإصلاحات»، كروبي، كما يصفه مقرّبون، من حزبه «اعتماد مللي» والمستشار السابق للرئيس خاتمي، محمد علي أبطحي، وقلة من الإصلاحيين الناقمين على موسوي، الذي أحرج خاتمي فأخرجه من الانتخابات.
في المقابل، استطاع موسوي كسب دعم أبرز قيادات الإصلاحيين وأحزابهم وأهمها: «جبهة المشاركة الإسلامية» ومجمع «العلماء المناضلون»، و«منظمة مجاهدي الثورة»، وحزب «كوادر البناء»، المحسوب على رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، علي أكبر هاشمي رفسنجاني.
ويسعى موسوي أيضاً إلى حفظ ودّ منافسه نجاد، إذ أعلن أنه لم يسئ مرة إلى الرئيس أو حكومته، «لكنها انتقادات بناءة وليست هدامة موجهة إلى سياسات الحكومة الاقتصادية».
هذه المعطيات تجعل من موسوي رقماً صعباً، فلن تكون الانتخابات الرئاسية بالنسبة إلى نجاد نزهة، ولا سيما أنه لم يُنشئ ماكينة انتخابية خاصة به. لكن السؤال الذي طرحه مسؤول أوروبي رفيع المستوى قد يكون مناسباً هنا. هل يحتاج نجاد إلى ماكينة انتخابية، وهو أقوى قناة فضائية في العالم؟