باريس ــ بسّام الطيارةقبل أسابيع من الانتخابات الأوروبية، تسود فرنسا موجة انتقادات لتوجّه رجال الأمن لاستعمال مفرط للقوة، ولاستعمال متمادي لمواد القانون التي تمنع «تمرّد المواطنين أمام القوى الأمنية ما يمنعها من تنفيذ عملها». وتبرز الصحافة يومياً حالات اعتراض على «تصرّف خشن» لرجال الشرطة، يعقبه إلقاء القبض على المعترضين، الذين هم غالباً من المارة، بحجة «مقاومة رجال الأمن».
قبل يومين، مرّ أمام محكمة ابتدائية «أستاذ فلسفة» بسبب اعتراضه على «خشونة الشرطة» أثناء فحص أوراق بعض المارة، فصاح «ساركوزي إني أراك»، في إشارة إلى الأجواء البوليسية التي توسّعت منذ وصول نيكولا ساركوزي إلى سدة الرئاسة.
أول من أمس، صُدمت مدينة فلورياك، قرب بوردو في جنوب فرنسا، بخبر إلقاء القبض على ولدين، هشام (٩ سنوات) وآخر في السادسة من العمر، في الساعة الرابعة والنصف، عند انتهاء حصص الدراسة، وذلك أمام باب مدرستهما وأمام رفاقهما والأهالي.
فقد وصلت سيارتا شرطة فيها ٦ عناصر. العناصر طلبوا من «الطفلين» مرافقتهم إلى مركز الشرطة لـ«التحقيق» في سرقة الدراجة التي يستعملها هشام. وقد صُدم الأهالي بـ«الأسلوب الهوليوودي» الذي استعمل مع الصغار، وخصوصاً عندما علموا أن الطفلين بقيا ساعتين في المخفر، إلى أن حضرت والدة أحدهما، عائشة أ.، وأبرزت الأوراق الثبوتية للدراجة.
ورغم أن وزيرة الداخلية ميشال أليو ماري طالبت بفتح تحقيق، إلا أن مدير الشرطة في المنطقة أعلن أن «العملية قانونية ١٠٠ في المئة»، وأن رجال الأمن «طبّقوا القانون بحرفيّته». إلا أن بعض الأهالي طالبوا بتطبيق القوانين على «بائعي المخدرات الذين يعيثون فساداً في أوساط الطلبة وأمام أبواب المدارس». ولم يتردد أحد المعلّقين في المطالبة بتطبيق هذا «الحزم البوليسي» على «المصرفيين ومسؤولي الشركات الكبرى الذين يملأون جيوبهم» عوضاً عن وضع «الهمة البوليسية» في ملاحقة أطفال.
إلا أن بعض المراقبين يقولون إن ما يحصل هو نتيجة سياسة ترفع «الهاجس الأمني» إلى مصاف «هدف اجتماعي»، وهو ما كان نيكولا ساركوزي انتخب على أساسه، مذكّراً بأنه كان وزيراً للداخلية.
ومن هنا لم يفاجأ الرأي العام حين وجد على صفحات الإعلام، وإلى جانب خبر اعتقال الطفلين، دعوة وزير التربية كزافيه داركوس، المقرّب من ساركوزي، إلى إنشاء «قوة أمن جوّالة» بين المدارس لها مهمات «احترازية»، منها مراقبة الطلبة «الخطرين»، وأن يكون لها حق تفتيش من تشك في أنهم يحملون أسلحة، ما دفع بكاتب إحدى المدوّنات إلى التساؤل «متى نرسل الشرطة لفضّ النزاعات في الحضانات؟».