نيويورك ــ نزار عبودتعرّضت لجنة مكافحة الإرهاب المنبثقة عن مجلس الأمن الدولي إلى الكثير من الانتقاد العالمي، ومن أعضاء المجلس أنفسهم. فهي تتحرّك بموجب إضبارات «وشاية»، غالباً ما تكون غير منزّهة وناقصة وتخضع لاعتبارات سياسية محضة. وارتفعت الأصوات عالياً مطالبةً بإجراء مراجعة لعملها وشطب عشرات الأسماء من قوائمها من أجل أن تستعيد الاحترام الدولي لها. وفي هذا الخصوص، حذّر رئيس لجنة العقوبات المختصة بمكافحة الإرهاب، النمساوي توماس ماير ــــــ هارتنغ، من أن القوائم الحالية تشكو من علل بنيوية تهدّد نظام العقوبات المفروض بقرارات من الأمم المتحدة. وأضاف في جلسة نقاش عام فصليّة جرت في مجلس الأمن الدولي، إن هناك عدداً كبيراً من أسماء الأشخاص الموضوعين على لوائح الإرهاب لم تُذكر كاملة، ولم تُذكر تواريخ ميلاد أصحابها. وهذا يسمح بتشابه الأسماء، ما حمل 50 شخصية على رفع دعاوى ضد اللجنة في دول عديدة، ولا سيما في الشرق الأوسط وأرهقها في مرافعات. كما أن الأسماء الناقصة تجعل عمل الانتربول شاقّاً، وغير ممكن لكونه لا يستطيع تعقّب المطلوبين على أساس معلومات منتقصة.
وطالب ماير ـــــ هارتينغ، متحدّثاً باسم ثلاث لجان فرعية مختصة بهذا الشأن، بإجراء مراجعة عامة كخطوة ضرورية لتحسين نظام العقوبات وتعزيزه. مراجعة تجري «إما بشطب الأسماء من القائمة التي لا يجوز بقاء الأسماء فيها، أو بإضافة خصائص تعريف جديدة، ومعلومات تتصل بالأسماء الباقية على القائمة».
وكان مجلس الأمن قد أصدر ثلاثة قرارات تتعلق بمكافحة الإرهاب، الأول 1267 في 1999 ضد «القاعدة» و«طالبان». والثاني 1373 في 2001، والثالث 1540 في 2006، ويتعلق الأخير بمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وتتولّى لجنة العقوبات المشكلة بموجب قرارات مكافحة الإرهاب جمع أسماء تقدمها الحكومات عن أشخاص تعتقد أنهم ضالعون في نشاطات إرهابية، مع ترك تعريف الإرهاب فضفاضاً ليتّسع لأي «جسم». وقال رئيس اللجنة بالوكالة، الفرنسي جان ـــــ بيير لاكروا، خلال جلسة الاستماع، إن سحب الأسماء «يتيح للّجنة تعزيز حوارها المنتظم مع الدول الأعضاء، كما يحدّد مواطن القصور في تطبيق القرار 1373».
وأضاف لاكروا إن القائمة باتت تتضمّن 508 أسماء، «بينها 397 شخصية من ضمنها 255 متصلة بتنظيم «القاعدة» و142 متصلة بتنظيم «طالبان»، و111 هيئة اعتبارية». وشدد على أن المراجعة ضرورية لكي تتمكن الدول من تطبيق العقوبات بصورة سليمة.
وتأتي هذه الخطوة بعد تعرض لجان العقوبات لانتقادات حادة من جانب منظمات حقوق الإنسان بسبب طريقة إدراج الأسماء فيها. وكان المفوض الأوروبي لحقوق الإنسان، توماس هامربرغ، قد انتقد تعسفية الأسلوب المستخدم لهذه الغاية. واتهم النظام بأنه «أثّر على عدد من بنود حقوق الإنسان في استهداف الأشخاص، بما في ذلك الحق في الخصوصية الشخصية، وحق الملكية الفردية، وحق الانتماء، وحق السفر والتنقّل بحريّة».
وخاطب المندوب الدائم لدولة قطر، ناصر عبد العزيز الناصر، المجلس، مشيراً إلى المشاغل التي تدور ببال الدول الأعضاء من خارج المجلس من استمرار غياب التعريف الموحد للإرهاب، وإلى الحاجة إلى منح الاحترام المناسب لحقوق الإنسان.
أما مندوب سوريا الدائم، بشار الجعفري، فنبّه المجلس إلى أن بلاده تعتبر الإرهاب «مختلفاً عن حق الدفاع عن النفس الذي يكفله القانون الدولي». وأضاف إن أي جهد يرمي إلى معالجة الإرهاب «ينبغي أن يعالج الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضد السوريين في الجولان السوري المحتل». ووصف الجرائم الإسرائيلية بأنها «الإرهاب بعينه».
يذكر أن قرار مجلس الأمن الدولي 1373، الذي اتُّخذ في 28 أيلول 2001 تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يحشد الدول الأعضاء لتقف وراء الولايات المتحدة وحلفائها في مكافحة «الإرهاب»، ويخوّلها استخدام القوة للضغط على الدول غير الملتزمة، أو حتى التي ترفض التعاون حسب مقتضيات القرار. كما جعل من تبادل المعلومات الاستخبارية بين الدول أمراً رسمياً وروتينياً لا يجوز الامتناع عنه، بما في ذلك المعلومات التي تخص الأفراد والمنظمات والدول، وذلك في إطار المعلومات الذاتية والتقويمات العقائدية والفكرية. وفرض على جميع الدول المشاركة في الأدلة ذات الطابع الأمني والسياسي والجنائي عبر برتوكولات دولية واتفاقات ثنائية.
وإضافةً إلى ذلك فرض القرار على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بمنع حركة من يوصفون بالإرهابيين، عبر ضوابط حدود دقيقة صارمة. وعن طريق التوقّف طويلاً قبل منح حق اللجوء السياسي للنازحين أو اللاجئين السياسيين. وفتح ملفات اللاجئين أو المشردين القسريين الذين يعيشون في هذه الدولة من العالم أو تلك أمام التعقّب التعسفي في معظم الحالات.