يتابع الجيش الباكستاني فرض سيطرته على منطقة وادي سوات في إطار الحرب التي يشنّها على عناصر «طالبان» منذ أسابيع، وأعلن أمس أنه أحكم السيطرة على أحد معاقل الحركة في الوادي وقتل 28 مسلحاً خلال الساعات الـ24 الأخيرة، كما رصد مكافأة مالية للقبض على زعيم حركة نفاذ الشريعة الإسلامية، مولانا فضل الله. وتُثير هذه العملية العسكرية مخاوف الكثيرين خاصة أن الردّ عليها أتى من خلال تصاعد الاعتداءات الانتحارية في أماكن متفرقة في المناطق القبلية. وقال بيان عسكري إن «قوات الأمن واصلت بنجاح عملياتها في محاصرة معقل «طالبان» وتفتيشه وتطهيره في قرية بيوشار»، من دون مزيد من التفاصيل. وأضاف أنه «خلال الساعات الـ24 الأخيرة قتل 28 إرهابياً وأسر سبعة في عدة أماكن من وادي سوات خلال تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن وأُصيب خمسة جنود ومدنيان بجروح». وأشار إلى مقتل 1200 متمرد وثمانين جندياً منذ بداية هجومه قبل شهر، لكن لم تتوافر أي معلومة عن عدد الضحايا المدنيين. وتسعى إسلام آباد في حربها هذه إلى أكثر من استعادة السيطرة على مناطق نفوذ «طالبان»، وإنما تريد رأس زعيم حركة «نفاذ الشريعة الإسلامية»، التي سبق أن وقعت معها اتفاقية السلام، بحيث رصدت الحكومة مكافأة قيمتها خمسون مليون روبية (600 ألف دولار) لاعتقال فضل الله حياً أو ميتاً.وقال متحدث باسم وزارة الداخلية إن سلطات الولاية الحدودية الشمالية الغربية كانت قد رصدت مكافأة قيمتها خمسة ملايين روبية، أي أقل بعشرة أضعاف، لاعتقال فضل الله، مضيفاً أن «الحكومة الفدرالية أعلنت (مكافأة بقيمة) خمسين مليون روبية».
لكن أمام تقدم الجيش الباكستاني وانتصاره في المعركة مع «طالبان»، يتخوف البعض من أن «ثمن هذا الانتصار سيكون باهظاً للغاية»، اذا خسرت السلطات معركة إعادة الإعمار وإعادة السكان الى هذه المنطقة.
ويقول الخبراء إن نزوح ما يقارب 2.5 مليون باشتوني الى داخل البلاد قد يزعزع استقرارها بتغيير التوازنات الإثنية والسياسية فيها. وقالت الاختصاصية في شؤون المنطقة في معهد العلوم السياسية في باريس، مريم أبو ذهب، «إذا لم تتوصل السلطات الباكستانية الى مساعدة النازحين على وجه السرعة، فقد ينتقلون الى المقلب الآخر ويناصرون طالبان». وأوضحت أن «الأمر لا يحتاج الى الكثير. فهم في الوقت الحاضر يكرهون الجيش الذي يقصفهم بقدر ما يكرهون طالبان الذين نشروا الرعب». وأوضحت فرزانه شيخ، من المعهد الملكي للشؤون الدولية ـــــ لندن، أن الدولة الباكستانية لم تبرهن عند حصول كوارث طبيعية كالزلازل أو بعد هجمات عسكرية في مواقع أخرى، على فاعلية كبرى في إعادة الإعمار، فتركت الباب مفتوحاً للجمعيات القريبة من الأوساط الإسلامية الراديكالية.
(أ ف ب، يو بي آي)