«واشنطن لن تعترف أبداً باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبيّة»لقاءان مهمان أشبه بحدثين شهدتهما لندن، أمس، على هامش قمة مجموعة الـ20؛ قمة ثنائية هي الأولى منذ حوالى عقد بين روسيا والولايات المتحدة فتحت صفحة جديدة في العلاقة بين البلدين، وأخرى أميركية ــ صينية هي الأولى أيضاً منذ انتخاب باراك أوباما رئيساً لأميركا
لا شكّ في أن لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما بنظيره الروسي ديمتري مدفيديف مصحوباً بالنيّات الإيجابية للعمل المشترك، وما نتج منه من اتفاق على تجديد التفاوض لتقليص الرؤوس النووية في ترسانتَي البلدين العسكريتين، هما إشارة إلى بدء صفحة جديدة في العلاقات بين هاتين الدولتين. صفحة لن تكون بيضاء، باعتبار أن التوتر الذي ساد علاقة موسكو بواشنطن لمدة طويلة يحتاج إلى لقاءات عديدة لنزع هذه الوصمة، الأمر الذي قد لا يكون بسهولة إعلان النيّات.
وعلى هامش قمة مجموعة العشرين المنعقدة في لندن، قررت الولايات المتحدة وروسيا، أمس، استئناف التفاوض بشأن تقليص الرؤوس النووية في ترسانتيهما.
وقالت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن «أوباما أكد في وقت سابق وجود خلافات حقيقية بين واشنطن وموسكو»، مشيراً في الوقت نفسه إلى «مجموعة واسعة من المصالح المشتركة بينهما». وأضافت أن الرئيسين «اتفقا أيضاً على مناقشة التعاون الدولي المشترك بينهما»، مشيرة إلى أن «مدفيديف دعا نظيره الأميركي إلى زيارة موسكو في تموز المقبل، فقبل الأخير الدعوة».
وقال الرئيسان، في بيان مشترك تلى اجتماعهما، إنهما «طلبا إعداد تقرير عن النتائج الأولى للمفاوضات النووية بينهما في تموز المقبل»، وأكدا أن «الولايات المتحدة وروسيا ستكونان في موقع أقوى لتعزيز معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية إن اتفقتا على تقليص ترسانتيهما النوويتين».
وانتقلتا في مباحثاتهما إلى إيران، داعيتين إياها إلى «التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، وإثبات أن برنامجها النووي معدّ للأغراض السلمية لا لإنتاج أسلحة نووية».
كذلك اتفق الجانبان على العمل معاً في أفغانستان، وأبديا قلقاً مشتركاً بشأن التجربة الصاروخية التي ستجريها كوريا الشمالية.
وبعيداً عن البيان المشترك، قال مدفيديف إنه في السنوات الماضية «كان هناك توتر في العلاقات بين بلدينا، وانجرفت في الاتجاه الخطأ»، لكنّه أوضح أن هناك الكثير من القواسم المشتركة رغم وجود خلافات.
في المقابل، أعلن مسؤول أميركي أن أوباما قال لمدفيديف «بحدّة» إن «واشنطن لن تعترف أبداً باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية»، مضيفاً أن «اعتبار موسكو دول الاتحاد السوفياتي السابق خاضعة لنفوذها ليست فكرة للقرن الحادي والعشرين»، ما يشير إلى عدم وجود تنازل أميركي في الملفات الخلافية حتى الآن. إلّا أن أوباما عاد وأكد أن «ما نشهده اليوم هو بداية لتقدم جديد في العلاقات الأميركية الروسية».
وقبيل لقائهما، أصدر الرئيسان بياناً مشتركاً قالا فيه إن «الحقبة التي كان ينظر فيها كلّ من بلدينا إلى الآخر كعدو، انتهت».
وتلى لقاء «الأقطاب» اجتماع لأوباما أيضاً بنظيره الصيني هو جينتاو، وهو اللقاء الأول بين الرئيسين، أعقبه إعلان البيت الأبيض أن «الرئيس سيزور الصين في النصف الثاني من السنة». واتفق الرئيسان على «دعم التجارة العالمية ونبذ الحمائية رغم اشتداد الأزمة الاقتصادية، إضافة إلى استئناف مناقشة قضية حقوق الإنسان في الصين».
وكان أوباما قد بدأ لقاءاته مع قادة العالم برئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، واتفقا على «توفير سلام دائم بين الفلسطينيين وإسرائيل، وبين الأخيرة والعالم العربي، والعمل معاً لإنهاء الحرب في العراق والالتزام بالخيار الدبلوماسي مع إيران»، لافتين إلى أن هذا الخيار سيكون بمثابة «فرصة لمستقبل أفضل لها إذا تخلّت عن طموحاتها النووية».
وقال براون، في المؤتمر الصحافي المشترك مع أوباما، «ناقشنا طرق إعادة بناء أفغانستان من خلال دمج الجهود العسكرية بالدبلوماسية والتنمية وضخّ مصادر جديدة في جهود إعادة الإعمار، وأملنا أن تتخذ إيران الخيار الصحيح وأن تستفيد من استعداد المجتمع الدولي للتفاوض معها، (كذلك ناقشنا) طرق تجديد جهودنا لإحلال الأمن والسلام للفلسطينيين وإسرائيل».
من جهته، قال أوباما إنه «ناقش مع رئيس الوزراء البريطاني المراجعة التي أجرتها إدارته لاستراتيجيتها في أفغانستان وباكستان للتعامل مع تنظيم القاعدة، والتقدم الذي أُنجز في المؤتمر الدولي بشأن أفغانستان في لاهاي».
كذلك دعا الرئيس الأميركي إلى إجراء دولي للتصدي للتحديات الراهنة، من بينها «التغيّر المناخي وانتشار الأسلحة النووية»، مشدداً على أن «المهمة المباشرة هي التركيز على مواجهة الأزمة الاقتصادية».
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)