في ظل إجراءات أمنية حوّلت مدينتي ستراسبورغ الفرنسية وكيهل الألمانية إلى ما يشبه معسكرين محصّنين، يعقد اليوم قادة حلف شمالي الأطلسي، الذي ولد على أنقاض الحرب العالمية الثانية، قمة موزعة على ضفتي نهر الراين، على حدود الخصمين اللذين تحوّلا إلى حليفين، فيما تضع الحرب الدائرة في أفغانستان صدقية الحلف على المحك، في الذكرى الستين لإنشائه.وسيشارك 28 رئيس دولة وحكومة بدل 26، بعدما أجرى الحلف أول من أمس خامس عملية توسيع والثالثة منذ 1990 ونهاية حقبة الحرب الباردة، بضم اثنتين من دول البلقان هما ألبانيا وكرواتيا إلى صفوفه.
وسيرحّب «الأطلسي» بالعودة الكاملة لمشاركة فرنسا في أنشطة الحلف بعد انقضاء فترة الشقاق الفرنسي ـــــ الأميركي، التي ترجع إلى أيام الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول في الستينيات.
وإن كان هذان الحدثان على قدر كبير من الأهمية، إلا أنّ مسألة إرساء الاستقرار في أفغانستان، حيث ينفذ الحلف منذ عام 2003 أضخم عملية عسكرية في تاريخه في مواجهة حركة تمرّد تخوضها «طالبان»، ستهيمن على جدول أعمال القمة.
وفيما يتوقع أنّ يطلب الرئيس الأميركي باراك أوباما من حلفائه بذل المزيد لدعم حكومة كابول، والمضي باستراتيجيته الخاصة بأفغانستان، انتقد وزير دفاعه روبرت غيتس، في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز»، المساهمات الأوروبية بالقول «إنّ قادة الدول الأوروبية لا يفعلون ما يكفي لإقناع الناخبين بأن هناك حاجة إلى كسب الحرب في أفغانستان».
يشار إلى أنّ القيادة الأميركية للقوات الدولية في أفغانستان طالبت بإرسال نحو 10 آلاف جندي إضافي، غير أن أوباما لن يبتّ المسألة قبل الخريف.
ومن الملفات الكبرى المطروحة على القمة العلاقات المتقلّبة بين الحلف وروسيا. وقال الأمين العام للحلف، ياب دي هوب شيفر، إنّ هذه «العلاقات لن تتحسن لمجرد أننا نريد ذلك»، لكنه عبّر عن ثقته بأن موسكو ستبدي المزيد من التعاون بشأن أفغانستان، لأن «لا مصلحة لها بأن ينتشر التطرف في آسيا الوسطى».
كذلك، سيناقش القادة ثالث المواضيع الكبرى المطروحة عليهم، وهو تجديد المفهوم الاستراتيجي المؤسس لعمليات الحلف، والذي يعود إلى عام 1999. فالمطلوب تكييف هذا النص مع المخاطر الجديدة مثل الهجمات على الإنترنت والإرهاب والقرصنة وأمن الطاقة.
ويبقى من غير المؤكد أن تعيّن القمة أميناً عاماً جديداً مع اقتراب انتهاء ولاية شيفر في 31 تموز.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الشرطة اشتبكت مع مئات من المتظاهرين المناهضين لحلف الأطلسي في ستراسبورغ، وأطلقت الغازات المسيلة للدموع لمنعهم من دخول وسط المدينة.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)