بدأت رحلة الأمين العام المنتخب لحلف شمالي الأطلسي، أندرس فوغ راسموسن، مع تركيا ناقصة. فهو لم يعتذر عن الرسوم «المسيئة» للإسلام خلال المؤتمر الدولي لـ«تحالف الحضارات» في اسطنبول، أمس، كذلك لم يتعهّد بسرعة إقفال تلفزيون «روج» التابع لحزب العمال الكردستاني
تركّزت أنظار وآذان مئات المشاركين بأعمال المؤتمر الدولي الثاني لـ«تحالف الحضارات»، الذي بدأ في اسطنبول، أمس، ويختتم اليوم، على رئيس الحكومة الدنماركية، الأمين العام الجديد لحلف شمالي الأطلسي، أندرس فوغ راسموسن، لمعرفة ما إذا كان سيعتذر من المسلمين عن مواقفه المدافعة عن الصحيفة الدنماركية التي نشرت كاريكاتورات اعتُبرت مهينة للإسلام في عام 2006.
طال الانتظار، ولم يأت الاعتذار الذي كان متوقّعاً بموجب «صفقة» نظّمها رئيس الحكومة الإيطالية، سيلفيو برلوسكوني، وتعهّد بتطبيقها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في ستراسبورغ، أول من أمس، وقضت بموافقة تركيا على انتخابه بدلاً من ياب دي هوب شيفر، في مقابل تطبيق 6 شروط، أحدها ينص على اعتذار راسموسن علناً لدفاعه عن كاريكاتورات النبي محمد.
وبدا كأن المسؤول الأطلسي، الذي يتسلّم مهامه في نهاية تموز المقبل، حاول في كلمته أمام المؤتمر الأممي مدّ يده إلى العالم الإسلامي، من دون أن يتنازل في الوقت نفسه عن مواقفه السابقة. وفيما قال «أعتبر أنّ كل أشكال الرقابة تشكّل عدواً للحوار وطريقاً إلى الكراهية والانقسامات»، عاد ليؤكد أنه «يحترم كل أشكال الديانات وشعائرها»، موضحاً أنه يعترف بأنّ الإسلام هو إحدى أهم الديانات.
وعن تعاطيه المستقبلي مع الحساسيات التي وُلدت بين الغرب والدول الإسلامية، شدد على أنه سيكون حريصاً على تطوير المبادلات بين الحلف الأطلسي والعالم الإسلامي. وقال بهذا الخصوص «بصفتي أميناً عاماً لحلف شمالي الأطلسي سأولي اهتماماً خاصاً للحساسيات الدينية والثقافية»، جازماً بأنّ «حوارنا وعلاقاتنا مع العالم الإسلامي ستتطور». وختم حديثه عن هذا الموضوع بالقول «أنا حزين جداً لأن الرسوم الكاريكاتورية اعتُبرت من قبل الكثير من المسلمين إهانة دنماركية بحق الإسلام والنبي محمد».
وإذا كان راسموسن أحبط آمال الأتراك الذين كانوا ينتظرون التزام الرجل بتقديم اعتذاره، إلا أنه أبقى الأمل مفتوحاً أمام احتمال إقفال حكومته تلفزيون «روج»، الذي تطالب أنقرة بحظره في أوروبا لكونه يتحدث باسم حزب العمال الكردستاني. وبينما وصف المسؤول الأطلسي، «العمال الكردستاني»، بأنه «تنظيم إرهابي»، ربط مصير بثّ تلفزيونه من كوبنهاغن بقرار القضاء الدنماركي، الذي سيحظر وجود التلفزيون الكردي إذا ثبت ارتباطه مادياً بـ«الكردستاني»، وإذا كانت المحطة تبثّ دعوات إلى ممارسة العنف والإرهاب، على حد قوله.
وكان يوم راسموسن في تركيا قد بدأ سيّئاً للغاية، إذ إنه تعرض لحادث سقوط عن سلالم فندقه صباح أمس، ما أدّى إلى تسبب في خلع كتفه.
و«تحالف الحضارات» منتدى تبنّته الأمم المتحدة، وتأسس في عام 2005 بمبادرة تركية ـــــ إسبانية جاءت رداً على أطروحة المفكر صاموئيل هنتنغتون عن «صدام الحضارات». ويهدف التحالف، الذي تستضيف تركيا الدورة الثانية له بعدما عُقد المؤتمر الأول في العاصمة القطرية الدوحة في 2005، إلى التقريب بين الديانات والحضارات بعد النزاعات المذهبية والثقافية التي اتسعت رقعتها بعد أحداث 11 أيلول 2001، وسياسات المحافظين الجدد في واشنطن.
ويشارك في مؤتمر اسطنبول، الذي يتوقع أن يصدر عنه اليوم برامج ومشاريع عملية للتخفيف من النزاعات العالمية، أكثر من 1500 مشارك من عدة دول في قصر جرغان العثماني على ضفة البوسفور.
وإلى جانب ممثلي قطاعات المثقفين والمجتمع المدني، يشارك 6 رؤساء دول، وأكثر من 30 وزير خارجية. وفي مقدمة الضيوف يندرج اسم الرئيس باراك أوباما الذي يلقي كلمته أمام المؤتمرين اليوم، بالإضافة إلى الرئيس التركي عبد الله غول والبلغاري غورغي بارفانوف والسلوفيني دانيلو تورك والرئيسين الأفغاني حميد قرضاي والبرتغالي جورجي سامبايو والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي إحسان كمال الدين أوغلو ورئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس ثاباتيرو، بصفته رئيساً لحكومة الدولة المؤسسة للتحالف إلى جانب تركيا. وأبرز كلمات يوم أمس، كانت تلك التي ألقاها رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان الذي رأى أن نظرية «حتمية صدام الحضارات ساقطة»، معرباً عن ثقته بأن «المسيحيين والمسلمين واليهود في الغرب والشرق يمكنهم التعايش بتسامح والتخلّي عن الأفكار المسبقة بعضهم تجاه بعض».
(الأخبار)