«فتوى جهنّم» تهيمن على الإنتخابات التشريعيّة اليوم... وأتشيه يشارك للمرّة الأولىجمانة فرحات
تشهد إندونيسيا خلال هذا العام حراكاً انتخابياً ينطلق مع الانتخابات البرلمانية، التي تبدأ اليوم، حين سيختار الإندونيسيون نوابهم، بالإضافة إلى ممثليهم في الأقاليم والمناطق.
وتكتسب الانتخابات، التي تجرى للمرة الثالثة منذ إسقاط نظام سوهارتو، أهميتها بأنها تأتي قبل أشهر معدودة من الانتخابات الرئاسية، المقررة في الثامن من شهر تموز المقبل، وما لنتائجها من انعكاسات على نتائج الانتخابات الرئاسية، وإن كانت التوقّعات تنبئ بعدم تغيير في بنية الحكم.
وتتنافس في الانتخابات البرلمانية مروحة واسعة من الأحزاب ذات التوجهات المختلفة، لكنها تجتمع على شعارات مكافحة الفساد. ويتوزع على الخريطة السياسية الأندونيسية 44 حزباً يتنافسون على 560 مقعداً برلمانياً و128 مقعداً في الأقاليم والمقاطعات لولاية من خمس سنوات. ويقدر عدد الناخبين بـ171.5 مليون شخص، فيما يبلغ عدد المرشحين 111.290 مرشحاً.
ويأتي في مقدمة الأحزاب المتنافسة كل من حزب جولكار، الذي يترأسه نائب الرئيس الإندونيسي، يوسف كالا، الذي يتمتع حالياً بالغالبية البرلمانية. والحزب الديموقراطي الحاكم الذي يترأسه الرئيس الإندونيسي، سوسيلو بامبانغ، وحزب اندونيسيا للنضال الديموقراطي الذي تتزعمه، الرئيسة الإندونيسية السابقة ميجاواتي سوكارنو بوتري، فضلاً عن عدد من الأحزاب الإسلامية، أبرزها حزب «العدالة والرفاه»، الذي يترأسه تيفاتول سمبيرينغ.
ويترقب المراقبون نسبة التصويت التي سيحصل عليها هذا الحزب الإسلامي، بعدما استطاع خلال الانتخابات السابقة أن يرفع رصيده الشعبي، ويحصد عدداً كبيراً من المقاعد. فقد حصل في أول انتخابات برلمانية خاضها عام 1999 على سبعة مقاعد، ليرفعها في انتخابات 2004 إلى 47 مقعداً.
وترجّح استطلاعات الرأي، التي أجريت أخيراً، حصول الحزب الديموقراطي الحاكم على الغالبية بنسبة لا تقل عن 24 في المئة من الأصوات، مقابل 7.5 في الانتخابات الماضية، وذلك بفعل ما يعزوه المحللون إلى السياسات الفعالة التي انتهجها الرئيس بامبانغ خلال سنوات حكمه.
ومن المتوقع أن يأتي حزب «اندونيسيا للنضال الديموقراطي» في المرتبة الثانية وحزب «جولكار» في المرتبة الثالثة، مع تكهنات بتراجع حاد للأحزاب الإسلامية التي تركز في حملاتها الانتخابية على الخطاب الديني، على عكس البرامج الانتخابية للأحزاب الأخرى. وتتبنى مختلف هذه الأحزاب برامج تحمل شعارات مكافحة الفساد. كذلك تركز على شعارات تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للإندونيسيين، ومكافحة مشكلتي البطالة والفقر، وهي شعارات تجد صداها لدى الناخب الإندونيسي الذي يكافح لمواجهة آثار الأزمة المالية.
وتجرى الانتخابات الإندونيسية هذا العام، وسط فتوى مثيرة للجدل أصدرها مجلس العلماء الإندونيسي، الذي يضم بين أعضائه عدداً من رجال الدين النواب. وقد دعا المجلس جميع المسلمين للإدلاء بأصواتهم وألا يجازفوا بأن يكون «مصيرهم جهنم». ويطمح المجلس من هذه الخطوة إلى تحقيق هدفين، الأول تحقيق أعلى نسبة مشاركة، وبالتالي الفوز بأكبر عدد من المقاعد لإبعاد العلمانيين.
كذلك تتميز الانتخابات البرلمانية الحالية عن سابقاتها بأن الناخبين سيختارون للمرة الأولى مرشحيهم مباشرة. فقد كان الناخبون في السابق يختارون الحزب، الذي يقوم بدوره باختيار من سيشغل المقاعد، وهو ما يعكس رغبةً واضحة في معالجة مظاهر الفساد المستشرية في البلاد، فضلاً عن زيادة فعالية العمل التشريعي وتعزيز إمكان محاسبة النواب.
وفي إطار مراقبة الانتخابات، يتوقّع مشاركة الآلاف من المراقبين المحليين والأجانب بناءً على دعوة من الحكومة الإندونيسية، بينهم معهد الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، الذي أرسل ثلاث فرق للقيام بهذه المهمة، واللجنة الانتخابية الأوسترالية التي خصصت 6 ملايين دولار لمراقبة الانتخابات.
وعلى صعيد الانتخابات في المجالس المحلية والأقاليم، يتركز الانتباه على إقليم آتشيه المضطرب، بعدما تم التوصل في عام 2005 إلى توقيع اتفاق سلام بين الحكومة والمتمردين، بعد حربٍ أهلية استمرت ثلاثة عقود. وقضى الاتفاق بمنح الإقليم إدارة شبه ذاتية، مع السماح له بإدارة موارده وإنشاء أحزاب سياسية محلية.
وتتيح الانتخابات اليوم، وللمرة الأولى، لسكان الإقليم اختيار مرشحين من الأحزاب السياسية المحلية والوطنية، حيث ستتنافس 6 أحزاب محلية، بالإضافة إلى الأحزاب السياسية الوطنية البالغ عددها 38 حزباً.
إلى ذلك، وفي خطوة تعكس مدى الاستعداد لمعالجة انعكاسات الخسارة على المرشحين، أعلنت وزارة الصحة الإندونيسية استعداد مستشفيات الأمراض النفسية في البلاد لمعالجة السياسيين الذين ربما يحتاجون إلى علاج نفسي جرّاء الخسارة.