تنتظر سيغولين رويال الانتخابات الرئاسية الفرنسية المقبلة وكأنها تقول: لا يهمّ ما يقال عنّي، المهمّ أن يذكروني. حكمة تصحّ على مواقفها الأخيرة من نيكولا ساركوزي
باريس ــ بسّام الطيارة
بعد سنتين من زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى السنغال في تموز ٢٠٠٧، لا يزال «خطابه الأفريقي» محط جدل وانتقاد، وخصوصاً الفقرة التي قال فيها إنّ «الأفريقي لم يدخل التاريخ بما فيه الكفاية». وقد اختارت زعيمة المعارضة الاشتراكية سيغولين رويال هذا السجل لمتابعة «مناوشة ساركوزي» خلال زيارتها إلى دكار. ومن هناك، قدّمت «اعتذاراً عن خطاب ساركوزي»، وهو ما استثار اليمين الفرنسي من جهة، وجلب لها تأييد اليسار، حتى من منافسيها في الحزب الاشتراكي.
وقد وصف سكرتير الدولة للتعاون، آلان جوياندي، حديث رويال بأنه «مزعج وغير مسؤول ومخالف للأصول الديموقراطية»، بينما اتهمتها وزيرة الدولة لشؤون حقوق الإنسان، السنغالية الأصل، راما ياد، بأنها تتلاعب بالأفارقة ضمن لعبة سياسية داخلية. بدوره، لم يتأخّر وزير الخارجية برنار كوشنير عن انتفاد رويال «الديماغوجية»، من دون أن يفوته توسيع انتقاده ليشمل ما قاله ساركوزي «لأنّ عبارته كانت من دون شك حمقاء». غير أن رئيس الدبلوماسية الفرنسية استطرد ودافع عن الرئيس وعن عبارته الشهيرة التي «لا تحوي أي عنصرية أو حكم مُحَقِّر». وفي المقلب الاشتراكي، وقف أركان حزب المعارضة صفاً واحداً دعماً لتعليق رويال، وفي مقدمهم «منافستها الطبيعية»، سكرتيرة الحزب مارتين أوبري، التي أشارت إلى أنها «سعيدة بما نطقت به رويال»، لافتة إلى أنها كانت تشعر بالخجل مما قاله ساركوزي في أفريقيا. وتسابقت الأوساط الأفريقية على التهليل بكلام المرشحة الرئاسية الفرنسية، لأنه «يمحو الإهانة».
ويتفق المراقبون على أن رويال تسعى بسفراتها إلى الخارج للحفاظ على «زخمها كمرشحة طبيعية» لانتخابات الرئاسة المقبلة. وبحسب هؤلاء المراقبين، فإنها نجحت حتى الآن ليس بمضايقة ساركوزي فقط، بل أيضاً أوبري، التي لا تزال عاجزة عن «احتلال واجهة الحدث» رغم مرور أشهر على إمساكها بمقاليد الحزب الاشتراكي. ويصل الأمر بالبعض إلى القول إن من حسن حظ رويال أنها خسرت معركة زعامة حزبها، لأن ذلك ترك لها متسعاً من الوقت لكي «ترفرف» بين المقاطعات الفرنسية والدول الأجنبية، مقتنصة كل مناسبة لتسلّط الضوء على شخصيتها، تماماً كما فعلت أمس حين أعلنت «تفهمها لاحتجاز العمال لأرباب العمل»، وهو ما جلب لها تأييداً من جانب العمال المصروفين ومعهم شرائح واسعة من المجتمع الفرنسي وشجباً من جانب أرباب العمل واليمين.