باريس ــ بسّام الطيارةمتى يكون نيكولا ساركوزي رئيساً للجمهورية، ومتى يكون زعيم اليمين الحاكم؟ سؤالٌ ليس من السهل الإجابة عنه، لكن يتعيّن على «المجلس الأعلى المرئي والمسموع»، أعلى سلطة منظمة للإعلام الفرنسي في القنوات التلفزيونية والإذاعات، الانكباب على هذه المسألة يومياً للحصول على الإجابة، وخصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات.
هذا ما قرره مجلس الشورى، نتيجة دعوى قدمها سكرتير الحزب الاشتراكي السابق فرانسوا هولاند، بعدما رفض المجلس الأعلى، وهو «حكم التوقيت العادل» بين الأحزاب، الأخذ بعين الاعتبار الوقت الذي يقضيه ساركوزي على شاشات التلفزة، والذي اعتبره هولاند «نوعاً من الدعاية لطروحات اليمين». والحكم القضائي الذي صدر واعتبره البعض «تاريخياً»، يُلزم المجلس باعتبار «ما يتطرّق إليه الرئيس في الأمور السياسية من حصة الأكثرية»، مع تمييز ما يصرّح به بصفته رأس السلطة التنفيذية.
ويعود إلى المجلس الإعلامي إعادة صياغة «قواعد حساب وقت المرور على الهواء»، وهي قواعد تعود إلى عام ١٩٦٩، وكانت تحدد ثلث الوقت للسلطة التنفيذية وثلثاً للأكثرية والثلث الأخير للمعارضة. ولكن حتى تاريخه، لم يكن حساب وقت الرؤساء يدخل في أي من هذه الأثلاث، على اعتبار أن الرؤساء كانوا حتى الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية «فوق معمعة السياسة»، وفي حال ترشحهم لولاية ثانية، كان من السهل احتساب وقتهم كمرشحين. ولكنّ معارضي ساركوزي يرون أن كل ظهور له على الشاشة، مهما كان السبب، «هو في معركة دائمة معهم»، ما يحتّم احتساب هذه الشهور ضمن حصة الأكثرية.
ويقول الخبراء إن الأرقام تدعم الحكم الصادر، إذ إن «٢٠ في المئة من مجمل أحاديث الشخصيات السياسية» كانت من حصة ساركوزي في السنة الأولى من وصوله إلى الحكم (بين تموز ٢٠٠٧ وحزيران ٢٠٠٨)، بينما لم يتجاوز كلّ من فرانسوا ميتران وجاك شيراك ٧ في المئة. وسوف يبدأ العمل بالقواعد الجديدة بعد الانتخابات الأوروبية، الشهر المقبل. لذلك، فإن بروز ساركوزي الإعلامي لن يخفت، ولكنه سيتراجع تراجعاً ملموساً في كل ما يتعلق بالسياسة الداخلية، فاسحاً في المجال أمام الحكومة للتعبير عن سياستها، والأكثرية للدفاع عنها، والمعارضة للاعتراض، أو قد يفسح مجالاً أكبر للمعارضة، إذ إن ساركوزي يسعى لممارسة الحكم على الطريقة «الرئاسية الأميركية»، وهو ما يحجّم دور رئيس الحكومة ويجعل الوزراء بمثابة منفّذين لإرادته.