محمد بديرحذّر وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، من عواقب لجوء تل أبيب إلى قصف المنشآت النووية الإيرانية، فيما استبعد الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، الخيار العسكري لمعالجة هذا الملف، معتبراً أن الحل سياسي وليس عسكرياً. أمّا وزير الدفاع إيهود باراك، فقد دعا إلى تكثيف الجهود الدولية لكبح النشاط النووي الإيراني.
ونقلت صحيفة «لوس أنجلس تايمز»، أمس، عن غيتس قوله الاثنين الماضي أمام طلاب جامعة مشاة البحرية الأميركية (المارينز) في كوانتيكو بولاية فرجينيا «إذا قمنا نحن الأميركيين أو الإسرائيليين أو أي أحد بقصف منشأة ناتنز (النووية)، فإن ذلك قد يؤدّي من وجهة نظر عسكرية إلى تأجيل برنامج طهران النووي لفترة تراوح ما بين عام وثلاثة أعوام. غير أن هذا الأمر سيوحّد إيران لترسيخ تصميمها على الحصول على برنامج نووي، وأيضاً سيخلق في الدولة بأكملها كراهية لا تنتهي للجهة التي ستوجّه الضربة إليهم».
وأشار غيتس إلى أنه في الوقت الذي يحتاج فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما، لبحث «نطاق كامل من الخيارات»، فإن حكومته تحتاج إلى النظر لكل السبل التي تستطيع بها زيادة تكلفة البرنامج النووي بالنسبة إلى الإيرانيّين، سواء تم هذا الأمر من خلال عقوبات اقتصادية أو سبل أخرى.
وقال غيتس إن «إيران لا ترغب في أن تكون معزولة أو أن تبقى تحت عقوبات الأمم المتحدة». وأضاف «أعتقد أن هناك أيضاً ضرورة لمزيد من المناقشات حول حقيقة الأسلحة النووية، إن كان يمكن أن تنتقص من الأمن القومي الإيراني بدلاً من أن تعززه، وخاصة إذا ما أطلقت سباق تسلّح نووي في الشرق الأوسط».
وجاءت تعليقات غيتس، التي أكد مسؤول في «البنتاغون» دقتها، وسط تزايد التكهنات بأن إسرائيل قد تشنّ عدواناً عسكرياً على المنشآت النووية الإيرانية، ولا سيما بعدما حذّر الكثير من المسؤولين الإسرائيليّين، من أن الدولة العبرية ستكون الأولى التي توجّه ضربة لتمحو ما تعتبره تهديداً موجوداً. وردّت إيران من جانبها على تهديدات إسرائيل هذا الأسبوع، وطلبت من الأمم المتحدة التدخل لوقف هذه التهديدات.
من ناحيته، نفى الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، صحة التقارير التي تتحدث عن هجوم إسرائيلي محتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية، معتبراً أن الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة هي الحل.
ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن بيريز قوله، خلال لقائه أمس بالمبعوث الأميركي الخاص لعملية التسوية في الشرق الأوسط جورج ميتشل، إن «الحديث عن ضربة إسرائيلية محتملة لإيران غير حقيقي، والحل في إيران ليس عسكرياً».
وتعليقاً على الجهود الغربية الأخيرة للدخول في حوار مع طهران، قال الرئيس الإسرائيلي «يجب خلق تعاون دولي واسع في ما يتعلق بالمسألة الإيرانية، فمن مصلحتنا المشتركة أن يكتشف العالم من خلال الحوار مع إيران ما إذا كانت هناك فرصة (للحل) أم أن إيران تخادع». وأضاف بيريز، الذي يعد من الآباء المؤسسين للمشروع النووي الإسرائيلي، «جميعنا نريد عالماً نظيفاً من القنابل النووية، لكن المشكلة تكمن في مالكي القنابل المتدينين الأصوليين والمتطرفين الذين لا يوفّرون وسيلة للقتل وهم أخطر من القنابل نفسها».
وفي السياق نفسه، طالب وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، بتكثيف الجهود الدولية لوقف البرنامج النووي الإيراني. وقال، خلال اجتماعه في تل أبيب أمس مع نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف، «يجب الاهتمام بممارسة نشاط دولي حثيث من أجل لجم المشروع النووي الإيراني». ودعا موسكو إلى العدول عن بيع طهران نظام صواريخ «أس 300» للدفاع الجوي. كما أعرب لروسيا عن شكره «لدورها المهم» على الصعيد الإقليمي و«جهودها لتفادي زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط».
وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن باراك وسلطانوف بحثا قضايا أخرى خلال الاجتماع، من بينها الدور الروسي في الشرق الأوسط. ونقلت عن باراك قوله «نحن نقدّر جداً دور روسيا بوصفها جهة دولية مهمة للغاية وكذلك جهة إقليمية مهمة جداً».
وأعرب وزير الدفاع الإسرائيلي عن استعداد تل أبيب للتعاون مع موسكو، وقال «سيسرنا وضع أيدينا بيد الروس إلى جانب الزعامة الأميركية في محاولة لدفع قضايا المنطقة قدماً». وأضاف «نحن حكومة جديدة ونحن واثقون من أنه بالإمكان ولزام علينا التعاون لمواجهة التحديات الأمنية وضمان المصالح الحيوية لإسرائيل مع بذل جهد مثابر لتحقيق الاستقرار والهدوء واتفاق سلام إقليمي».
ويتوقع سلطانوف الحصول على رد الدولة العبرية حيال مشاركتها في مؤتمر سلام يعقد في موسكو في النصف الثاني من العام الحالي، خلال اجتماعه مع وزير خارجيتها أفيغدور ليبرمان اليوم.