ليبرمان لا يلتزم بمؤتمر موسكو: الحكومة لم تبلور سياستها الخارجيّة بعدغاب عن لقاء المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط، جورج ميتشل، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، خرق حقيقي. فالتماهي الذي أبداه الجانبان نحو «حل الدولتين» أو «المصلحة القومية الأميركية»، لا يزال يصطدم بالسد الإسرائيلي، الذي رفض حتى الالتزام بالمشاركة في مؤتمر موسكو
حَمَلَ المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط، جورج ميتشل، معه مبدأ «حل الدولتين» من القدس المحتلة إلى الضفة الغربية، حيث التقى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ليتماهى مع الموقف الفلسطيني. إلّا أن هذه التقارب قد يلزم مكانه في ظل غياب النية الإسرائيلية والأرضية، رغم محاولة ميتشل امتصاص القلق الفلسطيني بالإشارة إلى عزم إسرائيل على ابتكار سياسة جديدة.
هكذا، أكد ميتشل بعد لقائه عباس، في مؤتمر صحافي مع كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في رام الله، أن السلام الشامل والعادل في منطقة الشرق الأوسط «مصلحة قومية أميركية»، مشدداً على التزام بلاده بحل الدولتين «الذي نرى أنه لا يوجد حل غيره للصراع في الشرق الأوسط».
وأضاف ميتشل إن «الولايات المتحدة ملتزمة بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني، حتى يتمكن من تحقيق أحلامه». وتابع أن «هذا الصراع استمر طويلاً جداً وشعوب هذه المنطقة يجب ألا تنتظر طويلاً لإحلال السلام العادل في منطقتها».
وأوضح ميتشل «نريد من مبادرة السلام العربية أن تكون جزءاً من الجهود للوصول إلى هذا الهدف»، قائلاً «إن السلام الشامل في المنطقة مصلحة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وشعوب المنطقة».
من جهته، ثمّن عريقات زيارة ميتشل قائلاً إنها المرة الأولى التي «يشدّد فيها مسؤول أميركي على تحقيق السلام الشامل في المنطقة باعتباره مصلحة أميركية، وإن مبادرة السلام العربية أحد أسس الحل». وأوضح أن «ميتشل أبلغ عباس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال له إن حكومته في طور تطوير مواقفها، وإنها بصدد مراجعة شاملة لسياستها».
وأوضح عريقات إن «عباس أكد لميتشل ضرورة التزام جميع الأطراف بمبدأ الدولتين، إضافةً إلى الاتفاقيات الموقّعة والالتزامات التي ترتّبت حسب خريطة الطريق، ووقف سياسة هدم البيوت والتهجير والاستيطان»، وإلّا فستكون عملية السلام «شبه مستحيلة».
وأشار عريقات إلى أن «الرئيس الفلسطيني أكد الالتزام بالاتفاقيات الموقّعة وبمبدأ الدولتين. إلّا أن الحكومة الإسرائيلية ترفض هذه المبدأ، وتصرّ على النشاطات الاستيطانية، لذلك لا بد للولايات المتحدة وأطراف اللجنة الرباعية أن تتخذ المواقف المطلوبة بهذا الشأن».
وعرّج عباس خلال لقائه ميتشل على عدد من الملفات، «بدءاً من الجهود المبذولة على صعيد الحوار الوطني، مروراً بتحقيق حكومة وحدة وطنية تنهض بأعباء إعادة أعمار قطاع غزة، وصولاً إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية».
وقبيل اللقاء، كان عريقات، قال لصحيفة «الأيام» الفلسطينية، إن «نتنياهو يدرك تماماً أن المطلوب من الجانب الفلسطيني حسب خريطة الطريق هو الاعتراف بدولة إسرائيل، ونحن قمنا بذلك. الآن هو يريد العبث بخريطة الطريق».
وفي السياق، حذّر وفد حركة «فتح»، خلال لقائه ميتشل، من «انهيار خيار حل الدولتين»، متهماً حكومة نتنياهو «بالانقلاب على أسس عملية السلام».
في هذا الوقت، تابعت إسرائيل سياسة المراوغة واللعب على الكلمات في كل ما يتعلق بالسلام، بعدما تهرّب وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، خلال لقائه نائب وزير الخارجية الروسي، ألكسندر سلطانوف، من أي التزام سياسي، وتحديداً في ما يتعلق بالمشاركة في مؤتمر موسكو للسلام استكمالاً لأنابوليس، مدعياً أن «الحكومة الجديدة في إسرائيل لم تبلور بعد سياستها الخارجية».
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ليبرمان قوله إنه «عندما تبلور إسرائيل سياستها الخارجية، وخصوصاً تجاه الموضوع الفلسطيني، فإنها ستعلن هذه السياسة على الملأ».
وأعرب ليبرمان أمام سلطانوف «عن تحفّظه على مبادرة روسيا لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي على مستوى الوزراء، لبحث وضع العملية السياسية في الشرق الأوسط» بادعاء أن «الحكومة الإسرائيلية لم تبلور سياستها الخارجية بعد». وقال إنه «انطلاقاً من تجربتنا، فإن اجتماعات من هذا القبيل تكون فقط منصّة لتوجيه انتقادات إلى إسرائيل وليس أكثر من ذلك».
ولم يفوّت ليبرمان هذه الفرصة لتكرير مطالبته بأن «تمتنع روسيا عن بيع أسلحة لإيران، وخصوصاً صواريخ أس ــ 300 المضادة للطائرات، التي من شأنها كسر التفوّق العسكري الجوي الإسرائيلي»، كما طلب أن «تغيّر روسيا موقفها من حماس وحزب الله».
من جهته، قال سلطانوف إنّ «ثمة أهمية لتبادل الأفكار وبذل جهود من أجل إيجاد حلول للوضع في المنطقة»، مضيفاً إن هناك «حواراً بين إسرائيل وموسكو والكرملين يعتزم تعميقه».
(الأخبار، أ ف ب، أ ب، يو بي آي)