زعماء «ألبا» يحشدون لمعركتهم من أجل حشر أوبامابول الأشقر
أنهى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، زيارته إلى المكسيك أمس، قبل أن ينتقل إلى ترينيداد وتوباغو لحضور قمة الأميركيات مساءً. وكان قد ثابر في مكسيكو سيتي على اعتماد اللهجة التي دشنتها وزيرة خارجيته، هيلاري كلينتون، قبل ثلاثة أسابيع عن الاعتراف بمسؤولية الولايات المتحدة عما تعانيه المكسيك، لجهة طلب المخدرات أو تصدير الأسلحة. وتعدُّ «قمة الأميركيات»، التي تُنهي أعمالها غداً، إطاراً تشاورياً بإشراف منظمة الدول الأميركية لتحديد استراتيجيات مشتركة. وتتخذ كل قمّة مبدئيّاً موضوعاً تعالجه، وموضوع القمة الخامسة هو «ضمان بحبوحة الشعوب والأمن في مجال الطاقة والاستدامة البيئية»، لكن الأساس يكمن في مكان آخر. فعلى سبيل المثال، القمة السابقة التي عُقدت في الأرجنتين نهاية عام 2005 اتخذت من «مكافحة الفقر» عنواناً لها، ثم ما لبثت أن تحولت إلى قمة دفن مشروع الألكا، أي السوق الأميركية المشتركة، وبقي منها أنها لقنت الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، إحدى أقسى هزائمه الدبلوماسية، بعدما أجبرته التظاهرات على مغادرة القمة باكراً. هذه القمة ستكون قمة الأزمة الاقتصادية وبلورة مقاربات مختلفة عن المخدرات، ولكنها ستكون أيضاً قمة كوبا... وقمة التعرّف إلى أوباما.
وبدأت مسألة كوبا تلاحق أوباما حتى قبل أن يتوقف في محطته الأولى في المكسيك. وعندما سُئل عن الموضوع، أجاب «لا نطلب من أحد أن يتضرع، كل ما نطلبه هو إشارة عن النية في التغيير»، في ما يبدو إشارة إلى ما قاله الزعيم الكوبي، فيديل كاسترو، إن «كوبا لن تتضرع للعودة إلى منظمة الدول الأميركية».
وفي مكسيكو سيتي، أقرّ الرئيس الأميركي بأن العلاقات بين هافانا وواشنطن المجمدة منذ نصف قرن «لن تتغير بين ليلة وضحاها»، مشيراً إلى أن قراره برفع القيود عن حرية تنقل الكوبيين الأميركيين والأموال من كوبا إلى الولايات المتحدة هذا الأسبوع كانت إشارة «إلى أننا نريد إعادة صياغة علاقتناوأجمعت القمة الرئاسية السابعة للبديل البوليفاري للأميركتين «ألبا»، التي استضافتها كراكاس أول من أمس، استباقاً لقمة الأميركيات، على طلب رفع الحصار عن كوبا وعودتها إلى منظمة الدول الأميركية. وحمل الرئيس الفنزويلي، هوغو تشافيز، على قمة الأميركيات عدم إرسال دعوة إلى كوبا للمشاركة فيها، مشيراً إلى أن هذه القمة يجب أن تكون «الأخيرة بهذا الشكل»، مشدّداً على أن «قمّة شعوبنا هي هذه التي نعقدها هنا والتي تجسّد وحدتنا».
وانتقد الرئيس البوليفي، إيفو موراليس، النزعة «الإمبريالية» لقمة الأميركيات قائلاً «أنا شيوعي وماركسي ولينيني، وأتحدى القمة بأن تطردني غداً»، فيما شكر الرئيس الكوبي، راوول كاسترو، الحاضرين، قائلاً إن «الكرة الأرضية بأكملها تندد بالحصار باستثناء الولايات المتحدة وإسرائيل». وأكّد استعداد إدارته لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة بشأن «حقوق الإنسان، وحرية الإعلام، والمعتقلين السياسيين، وأي شيء تريد مناقشته»، ولكن فقط إن عوملت بطريقة متساوية. ثم غمز من تصريحات كلينتون عن إطلاق سراح المنشقين قائلاً «لماذا لا يطلقون سراح أبطالنا الخمسة الذين لم يفعلوا أي أذى لأميركا»، في إشارة إلى الكوبيين الخمسة المتهمين بالتجسس.
وأشار راوول إلى أن الدول اللاتينية تدفع باتجاه عودة كوبا إلى منظمة الولايات الأميركية، التي طُردت منها عام 1962 بطلب من واشنطن».
من جهة ثانية، رحّب فيديل كاسترو برسالة 12 ضابطاً أميركياً كبيراً متقاعداً موجّهة إلى أوباما، الذي وصفه بأنه «ليس سياسياً فاسداً وكاذباَ ومجرماً كما كان سلفه»، تطالبه برفع الحصار عن كوبا. كما كشف عن لقاءات عقدها مع ضباط وخبراء أميركيين في إطار «معهد الأمن العالمي». وفي الواقع، إن أحداً في القارة الأميركية اللاتينية لا يشك في أن خطوة أوباما لرفع القيود عن سفر الأميركيين من أصل كوبي هي في الاتجاه الصحيح، ولكن لا يفهم أحد أيضاً لماذا كوبا لم تستعد بعد مقعدها في صفوف المنظمة. والنصف اللاتيني من القارة، يريد رفع الحصار عن الجزيرة الشيوعية، لتجعله «امتحاناً رمزياً» لقدرة أوباما على تغيير نمط العلاقة التي أدركت أدنى المستويات خلال حقبة سلفه.
نوايا أوباما لفتح «صفحة جديدة مختلفة في المقاربة والمعاملة» قد لا تكفي أمام إجماع الحاضرين على معالجة الوضع «الشاذ». وسيُسمع كلام بلهجات مختلفة يقول له إن الولايات المتحدة لا تحاصر جميع الدول التي تختلف معها سياسياً، وأن الحصار أقصر الطرق لمنع التغيير في كوبا. مشكلة أوباما أنه لا يستطيع أن يعطي الحضور ما يطلبه، ناهيك عن أن القرار بيد الكونغرس، كما لا يستطيع أن يترك اللقاء يدور حول موضوع واحد يكون معزولاً فيه. ما قد يجبره على تقديم عرضه بتعيين موفد خاص إلى الجزيرة الشيوعية أو الدعوة إلى التفاوض معها.