نيويورك ـ نزار عبودرغم الخطابات السنوية الكثيرة عن ضرورة تخليص العالم من مخاطر الأسلحة النووية، لا تزال الجيوش الكبرى تحتفظ بترسانة قادرة على تدمير البشريّة عشرات المرات، إذ ينتشر 25 ألف سلاح نووي في مختلف القارات؛ منها 10 آلاف ومئتان جاهزة للاستخدام الفوري.
وليس لدى الدول العربية أي برنامج نووي من شأنه إقناع الخصوم بضرورة إبقاء منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح. لكن المجموعة العربية في الأمم المتحدة، ممثلة بالأردن، أعربت في نقاش الأمم المتحدة داخل هيئة نزع السلاح، الذي دام ثلاثة أيام منذ مطلع الأسبوع الحالي، عن الحرص على «عدم التدخّل في شؤونها الداخلية» وعلى «وقف تهريب السلاح الخفيف»، في إطار الحديث عن منطقة خالية من الأسلحة النووية.
وناقشت هيئة نزع السلاح النووي كيفية الخروج من المراوحة في موضوع نزع السلاح النووي، وكيفية تطبيق المعاهدات الخاصة، من دون بلوغ أي نتيجة. أمّا العرقلة فقد تركزت على موضوع الحد من الانتشار النووي ومعاهدته، التي باتت تعد غير ملائمة وتضرب المزيد من الدول عرض الحائط بها. وبعض الدول الخارقة لها هي من أكثر الدول ضجيجاً في دفاعها عن «الطهارة» القانونية الدولية. المجموعة العربية اكتفت خلال النقاش بالحديث عن مخاطر الدخول في سباق تسلح في المنطقة بعد اعتراف إسرائيل بامتلاكها ترسانة نووية مدمرة.
بيد أن البعض يرى أن الأسلحة النووية المنتشرة في أيدي بعض الدول بصورة مقبولة دولياً، أو تلك التي انتشرت ضمن إطار الأمر الواقع، تحوّلت حسب رأي الكثير من الخبراء إلى ركائز في سياسة الدول الدفاعية. وبات من شبه المستحيل إقناع حكوماتها بالتخلي عنها.
النقاش في الأمم المتحدة شمل دولاً من مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. تحدث فيه ممثل كوبا، أبيلاردو مورينا فيرننديز عن قدرة الدول على تغيير المسارات، فاقترح تخصيص نصف ميزانيات التسلّح للتنمية الاجتماعية والاقتصادية ضمن صندوق يوضع تحت تصرف الأمم المتحدة. «صندوق كهذا يضم 1.39 تريليون دولار، وينتظر أن يرتفع بنسبة 45 في المئة في غضون عشرة أعوام، من شأنه أن يطعم 852 مليون جائع في العالم، ويسكن 640 مليون طفل مشرد».
ورأى ممثل أوستراليا، روبرت هيل، ضرورة بذل الحكومات المزيد من الجهد من أجل منع الانتشار النووي قبل عقد مؤتمر اللجنة التحضيرية الثالث للمراجعة العام المقبل. وطالب كل الدول باستيعاب الفوائد الأمنية من تطبيق المعاهدة التي وصمها البعض بـ«الحَوَل».
أمّا ممثل إيطاليا، جيليو ترزي، فقد أعرب عن توقه لإطلاق المحادثات من دون شروط مسبقة «بشكل غير تمييزي يُجمع أطراف عدة بما يؤول إلى قيام معاهدة جديدة للتثبت من عدم الانتشار بحظر إنتاج المواد المشعّة اللازمة للأسلحة النووية أو ما شابهها من المواد المتفجرة». وأعربت المجموعة العربية على لسان ممثل الأردن محمد العلاف، عن القلق من المعايير المزدوجة في التطبيق، «من ذلك أن الدول الحريصة على تطبيق معاهدة منع الانتشار نفسها تساعد على نشر السلاح، كما هي الحال في الترسانة النووية الإسرائيلية». وأضاف أن منطقة الشرق الأوسط لم تشهد أي جهد دولي من أجل «إجلاء» السلاح النووي عنها. وحذرت المجموعة العربية من مخاطر التزام الصمت حيال إعلان إسرائيل الصريح بامتلاكها أسلحة نووية، «أمر من شأنه تشجيع الآخرين على الدخول في سباق تسلّح».
وفي عبارة حمّالة أوجه، شددت المجموعة العربية على «ضرورة إشاعة السلام والأمن في المنطقة، فضلاً عن عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية». وحثّ مندوب الأردن على ضرورة «الالتزام التام ببرنامج الأمم المتحدة لمنع تهريب الأسلحة الصغيرة والخفيفة في المنطقة سراً».
أمّا إيران فقد ذكر ممثلها، إسحق الحبيب، أن المجتمع الدولي كان محقاً في توقعاته بأن تتخلى الدول النووية عن ترساناتها، «إلا أن الجهود المحدودة التي بذلت على هذا الصعيد واجهت انتكاسات نابعة من تبني سياسات مناهضة لنزع السلاح من جانب القوى النووية». ودعا الدول النووية إلى إثبات جديتها في تطبيق معاهدة منع الانتشار النووي وكل القرارات الثلاثة الصادرة عن اجتماع مؤتمر لجنة المراجعة والتمديد الصادرة عام 1995 وعن مؤتمر لجنة المراجعة الذي عقد في عام 2000. وحذر من مواصلة اللجوء إلى سياسة المعايير لتكريس «التمييز العلمي العنصري».
ولم تغب التجربة الصاروخية الأخيرة لكوريا الشمالية عن النقاش، حيث هاجم ممثلها مندوب أوستراليا على بيانه، وهاجم بيان مجلس الأمن الدولي الأخير، ووصفهما بأنهما «عقيمان وجائران ويتجاهلان حقيقة ما جرى»، و«لا يمثل بيان مجلس الأمن الدولي وجهة نظر المجتمع الدولي»، مشدداً على أن إطلاق الصاروخ جرى «بصورة شرعية شفافة».
وانتخبت الهيئة سيرج بافود السويسري نائباً لرئيس مكتبها.