بفضل السياسات الساركوزية، فإن شعبية الرئيس الفرنسي باتت في أسفل السلم، ليستعيد المواطن ذكرى «الشخصية الخلوقة» لسلفه جاك شيراك ويرفعها إلى مرتبة الشخصية الرقم واحد
باريس ــ بسّام الطيارة
أقام الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، دعوة غداء لأربعة وعشرين نائباً من المعارضة والأكثرية مناصفة، وصفتها صحيفة «ليبيراسيون» المعارضة بحفل الـ«أنا» لكثرة حديث سيد الإليزيه عن نفسه، وحمل المقال عنوان «ساركوزي زعيم العالم». ووصف بعض النواب المشاركين اللقاء بأنه «مونولوج اغتباط بالنفس»، هزئ خلاله قاطن الإليزيه من بعض السياسيين، قائلاً إن «استطلاع الرأي شيء والانتخابات شيء آخر»، مضيفاً «لقد انتصرت في حياتي السياسية على عدد من السياسيين الذين قيل عنهم أذكياء»، في إشارة إلى «منافسه الصاعد»، دومينيك دوفيلبان.
ومن حديث ساركوزي استُنتج أنه اطلع على نتائج استطلاع للرأي أجرته مجلة «باري ماتش» المقربة جداً منه، بشأن «أكثر الشخصيات شعبية»، حيث احتل الرئيس السابق، جاك شيراك، المركز الأول بحصوله على ٧٤ في المئة منتزعاً الصدارة من «النجمة الصاعدة» سكرتيرة الدولة لحقوق الإنسان، راما ياد، التي حصلت على ٦٩ في المئة متساوية مع وزير الخارجية برنار كوشنر في المرتبة الثانية. أما ساركوزي فقد نال ٤٦ في المئة ليحل في المرتبة الـ٣٣ في أسفل الجدول، بينما احتل رئيس وزرائه، فرانسوا فييون، المرتبة الـ١٥.
ويعزو الخبراء تراجع شعبية ساركوزي ورئيس الوزراء إلى «الممارسة اليومية للحياة السياسية»، بحيث تنصبّ على شعبيتهم النقمة من انعكاسات الأزمة المالية وتراجع القدرة الشرائية وارتفاع البطالة، إلا أن ما يعجز البعض عن تفسيره هو «عودة الروح» إلى شعبية شيراك بغياب أي «حملة إعلامية تواصلية». ويفسر البعض هذا بأنه نتيجة «مقارنة لاشعورية بين واقع اليوم وواقع الأمس»، وبالطبع فإن «حكم الساركوزية» واستحواذها على «كل أضواء الإعلام»، عرّضتها لدفع ثمن تمركز القرارات في يدها، ودفعت إلى تراجع صورة الرئيس وشعبيته.
وربط البعض هذه «القفزة النوعية» لشعبية شيراك بشخصيته والطابع العاطفي للمواطن الفرنسي «عندما لا يعود للسياسي أي تأثير على مسار حياتهم»، إذ يرى هؤلاء أن شخصية شيراك كانت تحمل وجهين في آن واحد: الأول، وجه السياسي القاسي، الذي لا يتورع عن تدبير المكائد لخصومه واتخاذ القرارات الباردة لإمرار طروحاته، والثاني، هو الإنسان الخلوق المهذب المبتسم دائماً الذي استطاع تحصين منصب الرئاسة بترفعه وبابتعاده عن الحياة السياسية. فقد حل الوجه الثاني في عقول المواطنين إلى جانب الإحراج الذي سببه ساركوزي عبر إقحام خصوصياته في الحياة اليومية للإليزيه. ولكن جدول الاستطلاع يحمل عاملاً يمكن أن يثلج صدر ساركوزي، إذ احتلت «منافسته الأولى»، سيغولين رويال المرتبة الـ٣٦ بحصولها على نقاط أقل منه (٣٨ في المئة)، ولعلها تفكر مثله بأن الاستطلاعات شيء والمعركة الانتخابية شيء آخر.