Strong>بسام القنطارأثار الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد زوبعة في مؤتمر مناهضة العنصريّة الثاني المنعقد في جنيف، بعدما وصف إسرائيل بـ«العنصريّة»، ما أثار اعتراضات الحاضرين وانسحاب المندوبين الأوروبيين، ودفع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إلى إصدار بيان إدانة

■ نجاد نجم «دوربان 2»: إسرائيل حكم عنصري


اعتلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد منبر مؤتمر مناهضة العنصرية الثاني، الذي تنظمه الأمم المتحدة في جنيف، ليهاجم إسرائيل، التي تفرض «حكماً قاسياً وقمعياً وعنصرياً» على الفلسطينيين.
وقال نجاد «بعد الحرب العالمية الثانية لجأوا الى الاعتداءات العسكرية لكي يجعلوا شعباً بأكمله بلا مأوى تحت ذريعة المعاناة اليهودية». وأضاف «وأرسلوا بمهاجرين من أوروبا والولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم من أجل إقامة حكومة عنصرية تماماً في فلسطين المحتلة». وتابع «وفي الحقيقة فإنه تعويضاً عن العواقب الوخيمة للعنصرية في اوروبا ساعدوا في أن يأتي الى السلطة اكثر النظم العنصرية قسوة وقمعاً في فلسطين».
وأثناء كلمة الرئيس الإيراني حاول بعض الناشطين المؤيدين لإسرائيل، الذين ارتدوا ثياب مهرّجين، رمي نجاد بالبيض، لكن الأمن في القاعة اعترضهم وأخرجهم منها. ووصف بعض الحاضرين أجواء القاعة بـ«مباراة كرة قدم غير ودية بين إيران وإسرائيل، إذ كان الوفد الإيراني الرسمي وغير الرسمي يعد بنحو 250 شخصاً، وقد علت صيحات الله أكبر والصلاة على (النبي) محمد خلال إلقاء نجاد كلمته». في المقابل كان هناك مشهد الاحتجاج من الناشطين الدوليين.
وقبل أن يكمل الرئيس الإيراني كلامه، نهض عشرات الدبلوماسيين، الذين يمثلون دول الاتحاد الأوروبي الـ23 المشاركة، من بين الحضور في الحال وغادروا القاعة. وقال السفير البريطاني، بيتر جودرهام، الذي فضلت بلاده عدم إرسال وزير الى جنيف، «مثل تلك الملاحظات المروّعة المعادية للسامية يجب ألا يكون لها مكان في منتدى مناوئ للعنصرية في الأمم المتحدة».
وقال وزير الخارجية النرويجي، يوناس جار شتور، إن كلمات نجاد ترقى الى حد التحريض على الكراهية. وأضاف إن «إيران جعلت من نفسها دولة شاذة بتقويضها الاتفاق على إعلان للمؤتمر». وتابع «النرويج لا تقبل أن يعصف طرف شاذ بالجهود الدولية لعديدين».
وبحسب مصادر دبلوماسية عدة فإن الأمر الوحيد الذي اتفق عليه السفراء قبل بدء المؤتمر كان مغادرة القاعة إذا هاجم الرئيس الايراني إسرائيل مجدداً. وقال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير «طبقاً لتعليماتي غادر سفيرنا لدى الأمم المتحدة في جنيف (جان باتيست ماتيي) الذي يرأس الوفد الفرنسي، القاعة مع نظرائه الاوروبيين وعدد من الوفود الاخرى»، رافضاً أن يستخدم المؤتمر «منبراً للإدلاء بتصريحات حاقدة».
غير أن عدداً من الوفود التي لم تغادر القاعة صفقت لكلمة أحمدي نجاد. كذلك أفاد المتحدث باسم الفاتيكان، الأب فيديريكو لومباردي، أن وفد الفاتيكان الذي يقوده المونسينيور سيلفانو تومازي، المراقب الدائم للفاتيكان لدى الأمم المتحدة، «لم يغادر القاعة». ورفض الأب لومباردي التعليق على موقف الوفود الاوروبية التي خرجت من القاعة، لكنه رأى أن خطاب الرئيس الإيراني «لا يذهب في الاتجاه الصحيح واستخدم عبارات متطرفة وغير مقبولة».
وبعد الخطاب، عقد الرئيس الإيراني مؤتمراً صحافيّاً، أعرب خلاله عن ترحيبه بالتغيير في السياسة الاميركية تجاه طهران، لكنه أوضح أنه ينتظر «تغيرات ملموسة». وقال «نحن نرحب بهذا الامر، لأن التغيير ضروري في هذا الوقت». وأضاف «نحن ننتظر تغييرات ملموسة وندعم الحوار القائم على الاحترام المتبادل».
وشدّد الرئيس الايراني على أن بلاده «لن تغير موقفها بشأن الطاقة النووية»، ووصف موقف الدول الغربية من إيران بالجائر منذ عقود. وتابع «إن المسألة النووية مهمة وبالنسبة إلينا الملف أقفل». وأضاف «إن إيران وقّعت على معاهدة منع الانتشار النووي وهي عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ونتوقع أن تتاح لنا الاستفادة من حقوقنا في إطار الوكالة». ودعا الى عدم المزج بين الطاقة النووية والاسلحة النووية، مندداً بموقف القوى الاوروبية التي «تريد احتكار استخدام الطاقة النووية». وأضاف «إن كانت الطاقة النووية مفيدة ينبغي أن تكون متاحة للجميع وإن كانت ضارة يجب ألا يستخدم أحد تلك التكنولوجيا».
ورأى نجاد أن مقاطعة بعض الدول الغربية مؤتمر «دوربان 2» «تعني الغطرسة والأنانية وهما عاملان وراء مشاكل العالم».
وفي ضوء ردود الفعل الأوروبية والأميركية المستنكرة لخطاب نجاد، أصدر الامين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بياناً أعرب فيه عن «الأسف» للكلام المناهض لإسرائيل الذي ورد على لسان الرئيس الايراني.
وقال بان كي مون، الذي كان قد حذّر أحمدي نجاد من «الخلط بين الصهيونية والعنصرية» خلال لقاء معه على انفراد، «إني آسف لاستخدام هذا الموضوع من جانب الرئيس الايراني بهدف توجيه الاتهام والتسبب بالانقسام وحتى الاستفزاز». وتابع «من المؤسف تماماً ألا تلقى دعوتي للرئيس الايراني إلى التطلع نحو مستقبل موحد آذاناً صاغية لديه». ورأى في كلام الرئيس الايراني «تعارضاً مع أهداف هذا المؤتمر».
وكان بان قد افتتح أعمال المؤتمر بكلمة، أعرب خلالها عن «خيبة أمله الكبيرة» للمقاطعة الدولية للمؤتمر. وقال إن «بعض الدول التي يجدر بها المساعدة على شق طريق الى مستقبل أفضل غائبة»، مبدياً أسفه لاستمرار «العنصرية حتى الآن». وتابع «خارج هذه الجدران، تعارضت مجموعات مصالح من انتماءات سياسية وعقائدية عديدة في أجواء من الحدة. يجدر بها أيضاً أن تكون معنا وأن تتكلم».
ودعا بان إلى إدراج المؤتمر تحت شعار «عهد جديد من التعددية»، مرجحاً أن يتسم «بقدر أقل من المواجهة (عن المؤتمر السابق في دوربان في جنوب أفريقيا عام 2001) والمزيد من الحوار، بقدر أقل من الايديولوجيا والمزيد من التفاهم». وحذر من أن «لا مجتمع محصناً ضد العنصرية، أكان غنياً أم فقيراً».
وقال بان «إن العنصرية يمكن ممارستها على مستوى نظام، وهو ما تذكرنا به المحرقة باستمرار. كما يمكن التعبير عنها بشكل غير رسمي كمعاداة السامية على سبيل المثال أو معاداة الإسلام أخيراً».

■ منتديات وتظاهرات تعوّض تغييب القضيّة الفلسطينيّةيبدو أن توجُّه مؤتمر «دوربان 2» لمناهضة العنصرية، الذي عقد في جنيف، انصبّ على حماية إسرائيل من أي اتهامات عنصرية، في ظل التضييق على منظمات فلسطينية وأخرى غير حكومية، لتحصين الدولة العبرية
«جنيف هي الثأر من دوربان». بهذه العبارة اختصرت المنظمات المدافعة عن إسرائيل أنشطتها التي أقيمت أمام المبنى الرئيسي للأمم المتحدة في جنيف لمناسبة ذكرى الهولوكست، إذ يُجمع المراقبون على أن افتتاح مؤتمر دوربان الاستعراضي بالتزامن مع ذكرى المحرقة لم يكن محض مصادفة. المئات تجمعوا في هذا الاحتفال الذي أقيم في الهواء الطلق وخصص له مسرح ضخم وشمل عروضاً فنية وغناء وكلمات، رغم أن الحكومة الإسرائيلية أعلنت منذ شهور مقاطعتها أعمال المنتدى.
وفيما مُنعت ثلاث من أكبر المنظمات الفلسطينية وهي: «بديل»، «اتجاه» و«حق العودة»، من حجز قاعة صغيرة داخل حرم الأمم المتحدة للحديث عن ضحايا العنصرية الناتجة من الاحتلال الإسرائيلي، كما قالت لـ«الأخبار» الناشطة الحقوقية، رانيا ماضي، تمكنت منظمة «يو أن واتش»، وهي من أكبر المنظمات الإسرائيلية الناشطة في الأمم المتحدة، من تنظيم ندوة ضخمة في إحدى القاعات الكبرى.
وكانت المنظمات غير الحكومية المساندة للقضية الفلسطينية، قد واجهت صعوبات كبيرة في التسجيل للمؤتمر، وفي الحصول على تأشيرات دخول إلى سويسرا، وذلك بحجة رفض قيام أي أنشطة معادية للسامية بالتزامن مع انعقاد المؤتمر.
وتُجمع المنظمات غير الحكومية المشاركة على أن إسقاط المنتدى غير الحكومي من أجندة المؤتمر، جاء بضغوط كبيرة مارستها الدول الأوروبية وإسرائيل والولايات المتحدة. وقد استجابت المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التي تتولى إدارة المؤتمر، لهذا المطلب، واتخذ قراراً بإلغاء منتدى المنظمات غير الحكومية الذي شكّل في مؤتمر دوربان في عام 2001، حدثاً نوعياً ومناسبة للتفاعل والنقاش، بعيداً عن المؤتمر الحكومي الذي يوسم بأنه بيروقراطي.
وكانت المنظمات المساندة للقضية الفلسطينية، قد استغلت فترة نهاية الأسبوع التي سبقت عقد المؤتمر، لتنظيم منتديات رديفة، إضافة إلى المشاركة في التظاهرة الكبيرة التي دعت إليها جمعيات وأحزاب سويسرية مناهضة للعنصرية.
المنتدى الأول عقد في «بيت الجمعيات» تحت عنوان «منتدى دوربان غير الحكومي»، وشارك فيه عدد كبير من المنظمات والشخصيات المعروفة، بينهم وزير العدل الأميركي السابق، رامسي كلارك. أما المنتدى الثاني، الذي عقد في صالة «أفيفو» تحت عنوان «مؤتمر مراجعة إسرائيل»، فقد كان أكبر وأنجح لجهة المناقشة ونوعية الحضور. وشاركت فيه مختلف المنظمات الفلسطينية التي تعمل على مقاطعة إسرائيل في أوروبا، إضافة إلى ائتلاف الجمعيات الأوروبية الداعمة للقضية الفلسطينية، وشبكة اليهود المعادين للصهيونية.
كنتيجة، خرج المنتديان بتوصيات جاءت بمثابة الرد على تغييب فلسطين في مسودة إعلان المؤتمر الحكومي. وناقشا الممارسات الإسرائيلية العنصرية من جدار الفصل والمستوطنات والقدس المحتلة وجرائم الحرب في غزة، وغيرها من القضايا. إلا أن أكثر القضايا التي استدعت جدلاً أثناء المناقشات، كان موضوع مساواة الصهيونية بالعنصرية، بعدما حاولت المنظمات الأوروبية القول إن هذا الموضوع خلافيّ، والأجدر هو التركيز على موضوع نتائج الاحتلال.
وبالعودة إلى التظاهرة التي أقيمت السبت الماضي، وشارك فيها ما يزيد على 2000 شخص، وانطلقت من أمام مبنى بلدية جنيف باتجاه قصر ويلسون حيث مقر المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ردد عدد من المتظاهرين عبارات «صهيونية، فاشية، إرهابية، وإسرائيل قاتلة ومجرمة». وحضر العلم الفلسطيني من خلال شعار وزعه المنظّمون يدعو إلى مقاطعة إسرائيل. كذلك حملت إحدى الناشطات السويسريات علم حركة «حماس» طيلة التظاهرة. وردّ بعض المارة على التظاهرة بعبارات معادية، فيما حرص المنظّمون على أن تتوزع الكلمات على أكثر من جهة مشاركة، كحركة «التاميل» السريلانكية، التي تعدّ من أكثر الحركات قوة وتنظيماً في جنيف.
وكانت النائبة عن حزب «الخضر» السويسري، آنا مارغير، في طليعة المشاركين وأعربت لـ«الأخبار» عن «أسفها للإجراءات المتخذة من قبل الأمم المتحدة لجهة تقييد حرية التعبير».
في المقابل، قال المحامي ميشال فرشوفسكي، الذي كان يسير في التظاهرة: «لن أشارك في المؤتمر الرسمي. هم أرادوا أن يكون مؤتمراً للدول، لا للجمعيات، وكان لهم ذلك». أما النائب في الكنيست الإسرائيلي عن حزب «التجمع الوطني الديموقراطي»، جمال زحالقة، فألقى كلمة خلال التظاهرة ندد فيها «بصعود اليمين الإسرائيلي إلى سدة الحكم في إسرائيل»، وعدّد الممارسات العنصرية المتخذة ضد فلسطينيي 48 «وتمنى لو أن وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، حضر إلى جنيف لأن خطابه كفيل بفضح العنصرية الإسرائيلية».
بدوره، عبر رئيس التجمع الدولي لمناهضة الصهيونية، أور شالنسكي، عن رغبته بالتوجه إلى العالم العربي للقول إنه «ليس جميع اليهود صهاينة وإن الحل الأمثل يكون بتفكيك الصهونية كنظام حكم في إسرائيل وقيام دول تضمن حرية الرأي والمعتقد للجميع».
وعشية انعقاد المؤتمر، نظم اتحاد الجمعيات العربية (اتجاه) والمنظمة العربية لحقوق الإنسان اجتماعاً تشاورياً للمنظمات العربية المشاركة في المؤتمر، بهدف تطوير عملية التنسيق، وخصوصاً لجهة إمكانية أكثر من منظمة غير حكومية عربية من التحدث أثناء المؤتمر. وخصّت إدارة المؤتمر خمس منظمات غير حكومية للتحدث في جلسات العمل الأولى، وتقرر أن تمثل المنظمات العربية رئيس اللجنة العربية لحقوق الإنسان، فيوليت داغر.
وخلال الاجتماع، نوقشت الخطوط العربية لهذه الكلمة من خلال ممثل اللجنة العربية في جنيف، عبد الهادي هاني، الذي اتهم عدداً من الحكومات العربية بعرقلة عمل المنظمات غير الحكومية ورفضها التنسيق معها. ونوّه هاني بضرورة عدم حصر الحديث حول فلسطين فقط وأن تشمل المداخلات العربية قضايا التعويض عن العبودية في أفريقيا وحقوق السكان الأصليين في أميركا اللاتينية وحقوق المهاجرين وغيرها من القضايا التي تكسب المنظمات العربية الصدقية لجهة معايير التزامها بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
أما منسّق «اتجاه»، أمير مخول، فشدد على ضرورة التوجه إلى وسائل الإعلام للتعويض عن النقص في الأنشطة الجانبية.

■ أوباما يبرّر المقاطعة بـ«النفاق غير المجدي» ويهود إيطاليا يحملون على مشاركة الفاتيكاناختارت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية مقاطعة مؤتمر الأمم المتحدة المناهض للعنصرية، بسبب الخوف من تحوّله إلى منبر لمعاداة إسرائيل، ووجود خلافات بشأن مسوّدة البيان الختامي
مثّلت المخاوف من تحوّل مؤتمر مناهضة العنصرية «دوربان 2» إلى منبر لمعاداة إسرائيل ذريعة لمقاطعته من قبل الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية.
وحاول الرئيس الأميركي باراك اوباما، أول من أمس، التخفيف من خيبة الأمل التي سبّبها إعلان مقاطعة المؤتمر، من خلال تقديمه وعداً بالتعاون مع الأمم المتحدة في مكافحة العنصرية. وبرر أوباما المقاطعة بالقول: «أودّ المشاركة في مؤتمر مفيد يرد على القضايا الملحّة كالعنصرية والتمييز في العالم». وأشار إلى أن إدراج بعض العبارات في البيان الختامي للمؤتمر «يعتبر في معظم الأحيان نفاقاً، وهو غير مجد»، ويمثّل خطاً أحمر لن تتخطاه إدارته. ورأى أن التنازلات التي قدّمت لإقرار البيان «لم تكن كافية». وأضاف «لقد عبّرنا قبل هذا المؤتمر عن قلقنا في حال تبنّي اللغة التي استعملت في 2001، وهذا شيء لا يمكننا التوقيع عليه».
كذلك قاطعت المؤتمر كلّ من ألمانيا وإيطاليا وأوستراليا وهولندا ونيوزيلندا إضافة إلى إسرائيل وكندا. وقدمت الدول المقاطعة العديد من التبريرات؛ فأصدر وزير الخارجية الأوسترالي ستيفن سميث بياناً قال فيه: «لا يمكننا، للأسف، أن نكون على يقين من أن المؤتمر لن يستغل مرة أخرى منبراً للتعبير عن آراء عدائية، بما في ذلك الآراء المعادية للسامية».
بدوره، وصف وزير الخارجية الهولندي ماكسيم فيرهاجن إعلان المؤتمر بأنه «غير مقبول» و«فرصة ضائعة» لمكافحة العنصرية والتمييز. كذلك أعرب وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير عن خشيته من أن «يُحوّر المؤتمر لخدمة مصالح أخرى (غير التي يفترض عقده لأجلها)». وشدد على أن «هذا الأمر لا يمكننا أن نقبله».
في مقابل هذه المقاطعة الواسعة، شاركت كلّ من بريطانيا وفرنسا، وإن بتمثيلٍ منخفض. وعقب إلقاء الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد كلمةً انتقد فيها إسرائيل وانسحاب العديد من الوفود الأوروبية المشاركة احتجاجاً عليها، دعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الاتحاد الأوروبي إلى إبداء «الحزم الشديد» حيال كلمة نجاد، ووصفها بأنها «دعوة إلى الحقد العنصري لا ينبغي السكوت عنها»، بعدما «ضرب عرض الحائط بالقيم التي يضمّها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان». كذلك دان رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون «بشدة» كلمة نجاد، وقال «إننا ندين دون تحفّظ التصريحات النارية والهجومية» للرئيس الإيراني.
وفي واشنطن، وصف مساعد المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة اليخاندرو وولف تصريحات نجاد بأنها «معيبة» و«مشينة» و«حاقدة». غير أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أعلنت أن بلادها لا تزال راغبة في إجراء محادثات مع طهران لتحسين العلاقات بين البلدين رغم تصريحات نجاد.
كذلك شارك في المؤتمر وفد من الفاتيكان. وكان البابا بنديكتوس السادس عشر قد أعرب أول من أمس عن «أمله بأن يعمل المندوبون الموجودون في المؤتمر معاً بروح من الحوار والتفاهم المتبادل لوضع حدّ لشتّى أشكال العنصرية والتمييز». ووصف المؤتمر بأنه «مبادرة مهمة» ضد «ظاهرة مؤسفة».
وأثارت تصريحات البابا غضب اليهود في روما. واتهم كبير الحاخامات في روما سيغني دي ريكاردو البابا بإرسال «إشارة مثيرة للقلق». وقال في مقابلة مع صحيفة «لا ستامبا» الإيطالية، «أنا حقاً لا أفهم تصرّف بنديكتوس السادس عشر». وأضاف «قرار الفاتيكان وموافقة البابا على المشاركة في المؤتمر إشارة مثيرة للقلق». وفي أبرز ردود الفعل على مقاطعة الولايات المتحدة والعديد من الدول، عبّرت الحكومة اليابانية عن «أسفها» للقرار الأميركي. وقال المتحدث باسم الحكومة اليابانية تاكيو كوامورا «آسف لعدم تمكّن الولايات المتحدة من المشاركة في هذا المؤتمر».
كذلك رأت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» أن مقاطعة بعض الدول، وخاصةً الولايات المتحدة، تمثّل «غطاءً لجرائم» إسرائيل.
(أ ف ب، أ ب، يو بي آي)

■ إسرائيل تستدعي سفيرها من سويسرا



صعّدت إسرائيل، أمس، من انتقاداتها لمؤتمر الأمم المتحدة المناهض للعنصرية، واستدعت سفيرها في برن، إيلان الجار، للتشاور احتجاجاً على حضور الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، أعمال المؤتمر، ولقائه مساء أول من أمس الرئيس السويسري، هانس رودولف ميرز.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ييغال بالمور، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، اتخذا هذا القرار «للتعبير عن استياء إسرائيل من عقد مؤتمر دوربان 2 في جنيف الذي يشارك فيه شخص عنصري ينكر المحرقة، ويقول علناً إنه ينوي شطب إسرائيل عن الخريطة». وأضاف «استدعيناه للتشاور وسوف يجري اجتماعات هنا ويناقش الموقف مع وزير الخارجية، وفي حال اتخاذ قرارات أخرى سيتم إعلانها في الوقت الملائم». كذلك أشار إلى أنه «تمّ استدعاء القائم بالأعمال السويسري إلى وزارة الخارجية للاحتجاج». وختم بالقول «أعتقد أن الحكومة السويسرية ستفهم بعد اتخاذ كل هذه الإجراءات أن الاجتماع بين الرئيس السويسري والرئيس الإيراني غير مقبول تماماً».
من جهته، وصف نتنياهو الرئيس الإيراني بأنه «عنصري». وقال «في وقت نستعدّ فيه لإحياء ذكرى ضحايا المحرقة، يستقبل مؤتمر يزعم أنه يكافح العنصرية، عنصرياً أنكر المحرقة ولا يخفي نيته في شطب إسرائيل عن الخريطة». لكنه في المقابل هنّأ «الدول التي قررت مقاطعة مهرجان الكراهية هذا».
بدوره، قال الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، «إنني حزين ومستاء أن يُفتتح في مثل هذا اليوم مؤتمر عنصري في جنيف، وأن يكون أبرز الخطباء فيه محمود أحمدي نجاد الذي دعا إلى شطب إسرائيل عن الخريطة وينكر المحرقة». وأضاف «لكل شيء حدود حتى حيادية سويسرا».
أما وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، فاعتبر أن «دعوة نجاد، وهو عنصري معروف بدعواته إلى تدمير إسرائيل، إلى هذا المؤتمر الدولي، تكشف بوضوح الأهداف الحقيقية من هذا المنتدى».
كذلك، أعربت زعيمة المعارضة، تسيبي ليفني، عن استيائها من الخطوة السويسرية. وقالت إن «الاجتماع مع نجاد شيء غير مقبول. يتعين ألا يعطي أحد شرعية لزعيم ينكر المحرقة».
ولم توفر إسرائيل من انتقادها الدول الأوروبية التي شاركت في المؤتمر، وأعربت عن خيبة أملها لقرار فرنسا وبريطانيا الحضور. وقال بالمور «لقد أصبنا بخيبة أمل لموقف فرنسا وبريطانيا، كنا نتوقع موقفاً أفضل من هذين البلدين»، و«أن تحذو فرنسا وبريطانيا حذو الدول الأخرى التي قررت عدم المشاركة في المؤتمر الذي يعتبر مهزلة». لكنه أشار إلى أنه من غير الوارد استدعاء سفيري إسرائيل في باريس ولندن للتشاور كما حصل مع سويسرا.
إلى ذلك، دانت إسرائيل اللقاء الذي جمع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ونجاد. وأصدرت وزارة الخارجية بياناً رأت فيه أنه «من المؤسف أن يستحسن الأمين العام للأمم المتحدة لقاء أكبر منكري المحرقة اليهودية حالياً والذي يقود بلداً عضواً في الأمم المتحدة ويدعو إلى تدمير بلد آخر، عضو أيضاً في الأمم المتحدة، في يوم إحياء ذكرى المحرقة».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)