بول الأشقركان رئيس الباراغواي، فرناندو لوغو، يستعدّ للاحتفال بمرور سنة على وصوله إلى السلطة، وعلى إنهاء حكم حزب كولورادو، خلال 63 سنة متتالية حوّلت البلد إلى «أكثر البلدان فساداً في العالم». وكان ينوي إجراء إصلاح حكومي شامل، وينوي تحديد «أخطاء» أداء أول سنة، واستخلاص العبر منها، لإطلاق بداية جديدة. إلا أن «خطايا» المطران أفسدت المناسبة، وقد تُهدّد بإشعال أزمة سياسية خانقة.
لقد عوّضت شعبية لوغو ووزنه المعنوي في البلاد عن ضعف اليسار في مجلس النواب، وأجبرت الليبراليين على التزام قرارات الحكومة، حيث ميزان القوى لمصلحة رجال الرئيس. وسمحت سنته الأولى بتحقيق نجاحات مختلفة، وفتح صفحة جديدة في سياسة الباراغواي، من ورشة محاربة الفساد الذي ميّز حكم كولورادو، إلى البدء بمفاوضات صعبة مع البرازيل لتعديل شروط اتفاقية «إيتايبو» بين البلدين، وزيادة حصة البلد من موارده، وصولاً إلى التحضير للقيام بإصلاح زراعي واسع بالرغم من تحفظات حليفه الليبرالي.
إلا أن أحداثاً من حقبة حياة المطران «الخاصة» أخذت تنعكس سلباً على مشاريع الرجل «العامة». قبل أسبوع، طالبته امرأة بالاعتراف بأبوّته على ابنها الذي يبلغ سنتين من العمر. وإذا به يفاجئ الجميع بقبول الأبوّة بسرعة. ثم تراجعت شعبيته العالية نحو 15 في المئة في هذا البلد الكاثوليكي الفلاحي، فيما ثمّن حلفاؤه صدقه وسرعة تجاوبه مع طلب المرأة. وأول من أمس، طالبته امرأة فقيرة ثانية، قالت إنها تشجعت بعد تحرك الأولى، بالاعتراف بأبوّته على ابنها البالغ 6 سنوات، وأعطته 24 ساعة قبل أن تطلب من القضاء إجراء فحص للحمض النووي.
وشوّش الطلب الثاني على التعديل الحكومي الذي أتى جزئياً واختلط بالموضوع الخاص، إذ أكّد لوغو، من دون النفي أو التأكيد، أنه سيعتمد دائماً «مبدأي الشفافية والحقيقة». وسرّبت الكنيسة المحافظة معلومات تُفيد بأنها كانت قد علّقت عمل المطران عام 2005، لوجود عدة شهادات من نساء يقلن إن لهنّ أولاداً منه، فيما تتحدث الصحافة المعارضة عن وجود ما بين 5 و16 ولداً مع نساء مختلفات.
ولن تتوقف الآثار عند هذا الحد، فقد بدأت تُسمع، خلال المهرجان الاحتفالي لفوز لوغو، أصوات في الجمهور تهتف «فريديريكو للرئاسة»، في إشارة إلى نائب الرئيس فريديريكو فرانكو. واجتمعت وزيرات الحكومة الثلاث مع لوغو وأعلنّ أنهن سيقدّمن كل الدعم القضائي للمرأة الثانية، واشترطن على الرئيس الخضوع للفحص. فشلت خطة لوغو لـ«الفصل بين الخاص والعام» ولم يعد محسوماً أن تبقى له القدرة المعنوية للبقاء في منصبه.


فرناندو لوغو، «المطران الأحمر»، الذي تجنّد لقضايا الفقراء، دخل السياسة بعدما تخلى عن المطرانية، وخلق واقعاً سياسياً أجبر الحزب التقليدي الآخر، الحزب الليبرالي، على تبنّي ترشيحه بعد عقد تحالف مع اليسار والحركات الاجتماعية تغلب على حزب كولورادو في صناديق الاقتراع. وقد أجبرت كاريزما لوغو البابا بنديكتوس السادس عشر، للمرة الأولى في التاريخ، على إعفاء المطران من حلفه الكنسي.