قد يكون التحذير الذي أطلقه رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، أمس، تعليقاً على نتائج انتخابات قبرص التركية التي فاز قوميّوها في انتخاباتها التشريعية، الإشارة الأولى منذ تقسيم الجزيرة في عام 1974 إلى خلاف قد ينفجر بين أنقرة والجزيرة غير المعترف بها إلا من تركيا نفسها. ومردّ تحذير أردوغان واضح؛ فقد فاز حزب «الوحدة القومية» بـ44 في المئة من أصوات الناخبين في «جمهورية قبرص التركية»، وهو الحزب المتشدد في رفضه توحيد الجزيرة بموجب خطة الأمم المتحدة التي بدأت المفاوضات حولها منذ عام 2004.
وحلّ الحزب الجمهوري التركي، الذي يتزعمه الرئيس محمد علي طلعت، ثانياًً مع 29 في المئة.
والجديد نيل كل من حزبي اليسار نسبة 6 في المئة من الأصوات متجاوزَين عتبة الخمسة في المئة التي تتيح لهما التمثل في البرلمان. وقد يتمكن الحزب الفائز من تأليف الحكومة المقبلة بمفرده إثر حصوله على 26 مقعداً في البرلمان الجديد من أصل ما مجموعه 50 مقعداً.
وحرص زعيم الحزب الفائز، رئيس الوزراء السابق درويش إيروغلو (الصورة)، على التأكيد أن المفاوضات الجارية مع الرئيس القبرصي الشيوعي ديميتريس كريستوفياش والرامية إلى إيجاد تسوية للمسألة القبرصية، ستتواصل. وقال، فور إعلان نتائج التصويت أول من أمس: «إن مواصلة مفاوضات إعادة التوحيد هي إحدى أولويات حزب الوحدة الوطنية».
ولفت إيروغلو إلى أنّ طلعت سيحظى بدعم حزبه وحكومته، التي ستتألف، في مهمته بوصفه مفاوضاً مع الجانب القبرصي اليوناني أثناء المحادثات. وسيكون على طلعت، الموالي لأوروبا والمؤيد لإعادة توحيد الجزيرة على أساس فدرالي، أن يعيش فترة مساكنة مع إيروغلو الذي يدعو إلى حل كونفدرالي من دولتين سيدتين في قبرص. لكن كلام إيروغلو عن دعم توحيد الجزيرة ألغاه بيان صدر عنه بعد ساعات، شدّد فيه على أنّ حل المشكلة القبرصية «يجب أن يرتكز على دولتين وشعبين وديموقراطيتين»، وهو موقف يرفضه الجانب القبرصي اليوناني بشدة، وكذلك المجتمع الدولي.
كلام لم يعجب أردوغان، الذي اضطر إلى التدخل على صيغة تحذير صريح من مغبة عرقلة المفاوضات الجارية مع الطرف الآخر من الجزيرة. وقال أردوغان في خطاب متلفز: «سيكون خطأً كبيراً للحكومة الجديدة عرقلة المفاوضات الجارية أو تغيير مبدأ هذه المفاوضات». وتابع: «يجب أن يتواصل المسار كما كان بالضبط» قبل الانتخابات الأخيرة. وختم تحذيره بالطمأنة إلى أنّ أنقرة «لن تسمح بأي خطوة من شأنها إضعاف موقع الرئيس طلعت في المفاوضات».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)