تستمر الدول الأوروبية في البحث في إجراءات مكافحتها للإرهاب. وإلى حين اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 19 من الشهر الحالي من أجل بحث هذه الإجراءات على نحو مشترك، تعمل الحكومات كل على حدة من أجل الحد من المخاطر التي يمكن أن تواجهها.
وفي هذا الإطار، دعت الحكومة الفرنسية، القضاة إلى التعامل بحزم مع كل من يدافع عن الإرهاب أو يدلي بتصريحات ويقوم بأفعال عنصرية أو معادية للسامية، بعد الهجوم على أسبوعية «شارلي إيبدو» في باريس، فيما قررت الحكومة الألمانية، تشديد حظر السفر إلى الخارج على إسلاميين معروفين، لمنعهم من التوجه إلى مناطق النزاع مثل سوريا.
ويأتي ذلك غداة اعتراف المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب، جيل دو كرشوف، أنه «لن نتمكن من منع وقوع اعتداء جديد»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنه «يمكننا أن نحاول قدر الإمكان منع وقوع اعتداء، من دون أن ندخل في مجتمع توتاليتاري».
وقالت وزيرة العدل، كريستيان توبيرا، أمس، إنه «يجب محاربة الأقوال أو التصرفات العنصرية الطابع أو المعادية للسامية أو تلك التي تدافع عن الإرهاب»، داعية إلى «التعامل معها بأقصى درجات الحزم». ورأت في مذكرة حول «المخالفات التي ارتكبت على أثر الاعتداءات» والتي وجهتها إلى كل نيابات فرنسا اعتباراً من الاثنين «أنها تسيء إلى اللحمة الوطنية ومن ثم تستحق اهتماماً خاصاً وحزماً شديداً».
وإضافة إلى «تمجيد الإرهاب» والأعمال العنصرية أو المعادية للسامية، استهدف النص أيضاً التصريحات أو التصرفات «التي يمكن أن تتسبب في تصرفات حاقدة وعنيفة وتمييزية، أو تستهدف قوات الأمن».
وأشارت الوزيرة إلى تزايد «الهجمات أو الإهانات على أماكن العبادة والاعتداءات على الأملاك أو الأفراد بسبب ديانتهم وأعمال العنف أو التهديدات ضد قوات الأمن والتصريحات العنصرية والمعادية للسامية والتمييزية أو التي تشيد بالإرهاب»، وذلك منذ الاعتداء الذي استهدف مقر أسبوعية «شارلي إيبدو» الساخرة في السابع من كانون الثاني في باريس.
وشددت كريستيان توبيرا على ضرورة أن تكون النيابات العامة قادرة تماماً على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال منفذي هذا النوع من المخالفات مطالبة بـ«إيلاء عناية خاصة» للمخالفات التي يرتكبها «سجناء».
وتوصي الوزيرة بـ«اتخاذ رد جنائي منهجي متكيف وشخصي على كل من هذه الأعمال» وملاحقة منفذيها «بقوة وحزم».
وفي الإجمال، فتح 54 تحقيقاً قضائياً في فرنسا بتهمة «تمجيد الإرهاب» و«تهديدات بأعمال إرهابية» منذ السابع من كانون الثاني، بحسب وزارة العدل.
ويستهدف أحد هذه التحقيقات خصوصاً، الفكاهي الفرنسي المثير للجدل ديودونيه، الذي اعتقل وأودع قيد الحبس الاحتياطي في باريس في إطار تحقيق بتهمة «الإشادة بالإرهاب» بعد الهجمات الدامية التي شهدتها فرنسي في الأسبوع الماضي، بحسب مصدر قضائي.
وفتح التحقيق القضائي، الاثنين، بعدما قال ديودونيه «أشعر بأنني شارلي كوليبالي»، مازجاً بين اسم «الجهادي» الذي قتل شرطية وأربعة يهود في تلك الهجمات، وشعار «أنا شارلي» الذي يرفعه ملايين المتظاهرين في فرنسا والعالم ضد الإرهاب منذ أسبوع.
من جهتها، قررت الحكومة الألمانية، أمس، تشديد حظر السفر إلى الخارج على إسلاميين معروفين، لمنعهم من التوجه إلى مناطق النزاع مثل سوريا. ويعد ذلك واحداً من مجموع من الإجراءات الأمنية التي جرى التخطيط لفرضها مسبقاً، والتي تعتزم حكومة المستشارة انجيلا ميركل تمريرها بسرعة عبر البرلمان خلال الأسابيع المقبلة.
وقال المتحدث باسم ميركل، ستيفين شيبيرت: «لقد أظهرت الأحداث المرعبة في باريس مرة أخرى على نحو مؤسف، أن علينا أن ندافع بقوة عن نظامنا الديموقراطي الدستوري بكافة الوسائل القانونية في مواجهة الإرهاب الدولي».
وتستطيع السلطات الألمانية حالياً مصادرة جوازات سفر الأشخاص الذين يعرف أنهم «جهاديون»، ولكن بموجب القانون الجديد ستتمكن من سحب هوياتهم الشخصية التي يمكنهم استخدامها للسفر إلى تركيا وداخل دول مجموعة «الشنغن» في الاتحاد الأوروبي. وسيُمنح المشتبه بهم بطاقات هوية بديلة مدتها 18 شهراً تحمل خاتماً بعدة لغات يحظر عليهم السفر.
وتعتزم ألمانيا، هذا الشهر، تجريم أي شخص يخطط للمشاركة في القتال مع «الجهاديين» أو التدرب على استخدام الأسلحة في الخارج لتشدد بذلك قانوناً صدر في عام 2009 يعاقب المخالفين عند عودتهم إلى ألمانيا. وسيستهدف القانون على سبيل المثال المشتبه بمحاولتهم مغادرة ألمانيا وهم يحملون أسلحة أو سترات واقية من الرصاص أو معدات رؤية ليلية.
وقال وزير العدل، هيكو ماس، إنه «سيُفرض قانون جديد يجرم الجهاديين لمغادرتهم البلاد»، مضيفاً أن ذلك سيجعل ألمانيا ملتزمة قرار الأمم المتحدة بوقف المقاتلين الأجانب. وأضاف أنه يرغب في الدفع لتمرير مشروع قانون لتشديد العقوبات على تمويل الإرهاب حتى لو كانت المبالغ ضئيلة.
(الأخبار، أ ف ب)