خاص بالموقع | 11:08 PMموسكو ــ حبيب فوعاني
لم يكد يمضي شهر على لقاء الرئيسين الأميركي والروسي، باراك أوباما وديمتري مدفيديف، في لندن أوائل الشهر الحالي، وبدء مسار «إعادة تشغيل» العلاقات الأميركية ــ الروسية، حتى بدأت مواجهة جديدة تذكّر بالحرب الباردة بين موسكو وواشنطن مع نية حلف شمال الأطلسي إجراء مناورات عسكرية في جورجيا تبدأ في السادس من الشهر المقبل. موقفٌ دفع نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، إلى التحذير من تقويض المسار الوليد، وبالتالي جعل الخبراء يشككون بحدوث تحولات حقيقية في العلاقات بين الغرب والشرق رغم خطابات الود المتبادلة.
ويلفت الخبراء إلى إطلاق ثلاث إشارات خطيرة في الأيام القليلة الماضية. فقد ألغت موسكو اجتماع مجلس الأطلسي ـــــ روسيا المقرر عقده مطلع أيار المقبل، فيما تحفظ الرئيس الروسي في هلنسكي، على فكرة عالم خال من الأسلحة النووية، التي طرحها الرئيس الأميركي، وبدلاً من ذلك، أعرب مدفيديف عن قلق بلاده لنشر عناصر الدرع الصاروخية الأميركية في بولونيا وتشيكيا باعتبار أن «نشرها يقف حائلاً أمام نزع السلاح النووي».
من جهة أخرى، أعلن الكرملين زيادة عدد الطائرات الحربية الروسية في قاعدة «كانت» على مقربة من قاعدة «ماناس» الأميركية في قرغيزستان، في رد أولي على المناورات التي يشارك فيها 1300 جندي و19 دولة على بعد 20 كيلومتراً من العاصمة الجورجية تبليسي، بهدف تحسين التنسيق بين أعضاء الحلف وشركائهم، بحسب مصادر بروكسل.
وتتخوف القيادة الروسية من أن تدفع المناورات القيادة الجورجية إلى مغامرات عسكرية جديدة ضد جاراتها القوقازية. لذلك، تريد إلغاءها أو تأجيلها باعتبارها استفزازاً لمعارضي الرئيس الجورجي ميخائيل سآكاشفيلي، الذين يواصلون أعمال الاحتجاج في تبليسي.
وما يثير موسكو هو مشاركة أذربيجان ومولدافيا، العضوين في رابطة الدول المستقلة، وإمكان مشاركة أرمينيا، عضو معاهدة الأمن الجماعي، في المناورات. في المقابل، ترغب موسكو أيضاً في عرض نفوذها الإقليمي في القوقاز، الذي لا تزال تراه مجالاً لمصالحها الحيوية.
وفي السياق، قال مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الروسية إن بلاده «ستجد ما يمكنها الرد به إذا لم تلغ المناورات». ويرى الخبراء أن موسكو تملك ورقة رابحة في يدها لدعم اعتراضها على إجراء المناورات والمساومة. فالولايات المتحدة، بعد الاعتداءات المتكررة على طرق إمداداتها إلى أفغانستان عبر باكستان، تحتاج إلى استخدام الأجواء والأراضي الروسية لتموين قواتها بحاجاتها غير العسكرية.
ويرى المحلل السياسي الروسي، أندريه كليموف، أن روسيا والولايات المتحدة تقعان في بداية «مسار مضنٍ وطويل الأمد» يجب فيه تذليل جملة من العوائق، ومن بينها «رواسب عقلية الحرب الباردة لدى الطرفين».