أرنست خوريكانت السفارات التركية مشغولة ككل عام في مثل هذا الشهر بمراسلة وسائل إعلام الدول المعتمدة لديها، لتذكيرها بـ«الحقائق التاريخية المزورة التي تدحض ما تروّجه الدوائر الأرمينية في العالم لما يسمونها إبادة عثمانية ارتُكبت بحق الأرمن في شرق الأناضول في 24 نيسان 1915».
في هذا الوقت، كان دبلوماسيون من البلدين يجرون جلسات مفاوضات سرية في سويسرا لدفع المصالحة قدماً، وهي التي وُضع حجر أساسها في «دبلوماسية كرة القدم»، أو الزيارة التاريخية للرئيس التركي عبد الله غول إلى يرفان لمشاهدة مباراة كرة قدم بين منتخبي البلدين في أيلول الماضي.
تتالت مبادرات حسن النية بعد أيلول الأبيض، حتى صدر، عشية ذكرى 24 نيسان، وتحديداً قبيل حلول منتصف ليل الأربعاء ـــــ الخميس، بيان مفاجئ عن وزارة الخارجية التركية يبشّر بنجاح وساطة سويسرية أقنعت دبلوماسيين أتراكاً وأرمينيين بـ«خريطة طريق ترضي كلا الطرفين» لإعادة العلاقات الدبلوماسية المقطوعة بينهما منذ عام 1993، حين اجتاح الجيش الأرميني 20 في المئة من أراضي أذربيجان، التوأم الشرعي سياسياً لتركيا.
تطوّر لم يكشف البيان التركي تفاصيله، لكن بدا واضحاً أنّ إدارة الرئيس باراك أوباما «متورطة» فيه حتى النخاع، فأوباما المتحمس تاريخياً للاعتراف بـ«الإبادة الأرمينية»، عاد واكتشف قيمة تركيا في كونها أهم دولة إسلامية، حين وجه من برلمانها مطلع الشهر الجاري خطاباً حثّ فيه أنقرة ويرفان على إيجاد «حل بسرعة لتطبيع العلاقات».
وتُرجم مطلب أوباما سريعاً، عندما زار مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، مات بريزا، الاثنين الماضي، أنقرة ويريفان وباكو، لتسريع مصالحة باتت ممكنة أكثر من أي وقت مضى.
لكن العقد الثلاث، التي حالت دون إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين، لا تزال قائمة: «الإبادة»، وأزمة أرمينيا وأذربيجان بشأن إقليم ناغورني كراباخ الخاضع للجيش الأرميني منذ 1993، والعقد الحدودية، حيث إن «إعلان استقلال» أرمينيا ودستورها ينصان في إحدى فقراتهما على أنّ بعض الأراضي التركية «هي ملك أرمينيا».
وكان لافتاً أنّ طرفين اثنين سارعا إلى التعليق على «خريطة الطريق». هللت واشنطن للتجاوب السريع مع مطلب أوباما بـ«حل سريع» للخلاف الذي يؤثّر على طرق النفط من آسيا الوسطى. في المقابل، ظهر تململ من باكو عبّر عنه المتحدث باسم وزارة الخارجية، إلخان بوليخوف، الذي حذّر الطرفين التركي والأرميني من التصالح وإعادة فتح حدودهما وتطبيع علاقاتهما «على حساب أذربيجان التي ترى أنّ أي تطبيع للعلاقات بين هذين البلدين يجب أن يسير بالتوازي مع انسحاب الجيش الأرميني من الأراضي التي يحتلها في ناغورني كراباخ في أذربيجان».