باريس ــ بسّام الطيارةتعيش دبلوماسية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، منذ أسابيع، حيرة، وسط التجاذب «المصري ـــــ السوري»، في ما يتعلق بإعادة فتح مسارات التعاون بين الرياض ودمشق. ويبدو كأن باريس تنافس إدارة باراك أوباما التي تضع عاصمة الأمويين في خضم عملية إعادة تقويم سياستها الشرق أوسطية.
فالدبلوماسية الفرنسية، التي سبقت نظيرتها الأميركية في ما سُمّي «القطيعة الساركوزية»، باتت مقتنعة، بحسب مصدر فرنسي مطّلع، بأن دمشق «يمكنها أن تؤدّي دوراً إيجابياً جداً» في إزالة التوتر من المنطقة، «تسهيلاً لانسياب أميركي في قطيعة مع سياسات إدارة الرئيس جورج بوش». وهنا يشير المصدر إلى «اللغة الحازمة» التي تحدثت بها وزير الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن أن «الدولة الفلسطينية باتت أمراً لا مفرّ منه». ويستطرد بأن «التقارب السوري ـــــ السعودي» هو أحد العوامل المسهّلة لهذا التغيير المنتظر في واشنطن.
ويعترف المصدر بأن تناول هذه المسألة تعترضه دائماً «عوامل تقويم موقف مصر»، رغم حصول اللقاء الثلاثي السوري ـــــ السعودي ـــــ المصري في القاهرة قبل يومين. كل ذلك في ظل تسليم بأن العاصمة المصرية لا تزال تملك «قدرة تأثير» على الملفات التي يتمركز حولها التقارب السعودي ـــــ السوري، وفي طليعتها الملفّان الفلسطيني واللبناني. وردّاً على سؤال لـ«الأخبار» عن موقف فرنسا من هذا التقارب، بدأ المتحدث المساعد في وزارة الخارجية الفرنسية فرديريك ديزانيو إجابته بالتأكيد أن بلاده «تدعم بقوة الجهود المصرية الهادفة لإحقاق المصالحة الفلسطينية»، قبل أن يعود ليتناول هذا التقارب ووصفه بأنه «لا يمكنه إلا أن يُوجد دينامية مؤهّلة للمصالحة».
وشدّد ديزانيو على ضرورة العمل على التقدم نحو هذا الهدف بسرعة، وصولاً «إلى وضع مجموعة آليات قرار مجلس الأمن الرقم ١٨٦٠ حيّز التطبيق»، ما يسمح «بإعادة إطلاق العملية السلمية».
وفي الواقع، فإن باريس التي تتمنّى أن «يُتوصّل إلى وقف إطلاق نار شامل قبل تأليف حكومة إسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو»، تدرك أن كل الوعود والمساعدات يمكن أن تتبخّر إذا لم تجد طريقها إلى غزة من دون المرور في أيدي «حماس».
ورغم تأكيد بعض التقارير القنصلية من القدس المحتلة، والتي تفيد بوجود بعض التململ لدى سكان غزة تجاه «ما آلت إليه أحوالهم بسبب سياسة حماس»، إلا أنها تعيد التشديد على أن بقاء الأمر على حاله «يعيد الزخم إلى شعبية حماس»، ويعطي قوة لشعارات الحركة الإسلامية في رفض «إعطاء بالسياسة ما لم يؤخذ بالرصاص والتدمير».