بدأ الجزء الثاني من محاكمة الملياردير الروسي ميخائيل خودوركوفسكي الذي، على عكس الجزء الأول، لم يحظَ بمتابعة شعبية بسبب طغيان مسلسل الأزمة المالية
موسكو ــ حبيب فوعاني
تستمر في موسكو جلسات استماع المحاكمة الثانية لميخائيل خودوركوفسكي، المتهم بالاستيلاء، عن طريق الاحتيال وغسل الأموال عامي 1998-2000، على نحو 25 مليار دولار بأسعار صرف العملة الحالية، أو 30-45 مليار دولار بأسعار الصرف حينها، ما يؤدي إلى سجنه من 14 إلى 22 سنة. ويسعى محامو خودوركوفسكي لتحويل المحاكمة إلى قضية سياسية، وذلك في محاولة للضغط على الرئيس ديمتري مدفيديف، الذي تحدث في بداية حكمه عن الحاجة إلى القضاء على «الاستهتار السياسي» المستشري في روسيا.
وسبق لخودوركوفسكي، الذي يرى أنه وقع ضحية مسؤولين فاسدين كانوا يخشون من طموحاته السياسية، أن مَثَلَ أمام المحكمة عام 2003 بسبع تهم، منها تزوير الوثائق والتهرب الضريبي والاحتيال، وحكم عليه بالسجن 9 سنوات.
وكان خودوركوفسكي، إحدى ضحايا محاولة «للملمة الأراضي الروسية» التي قام بها فلاديمير بوتين لدى اعتلائه سدة الرئاسة عام 2000، حين دعا أثرياء روسيا الجدد الذين حصلوا على ثرواتهم في مزادات صورية، إلى الالتزام بسداد الضرائب والتوقف عن تهريب الأموال إلى الخارج، وتطوير القطاعات التي استولوا عليها «بثمن بخس»، والاهتمام بشؤونهم الاقتصادية وحسب.
وقد وافق وقتها عدد منهم على الالتزام بأصول اللعبة الجديدة، بينما غادر البلد عدد ممن لم يشأ ذلك. أما خودوركوفسكي، فلم يهاجر وفضّل البقاء والمراهنة على واشنطن، التي أصبح من أبرز المؤيدين لسياساتها، معوّلاً على حمايتها، وخصوصاً بعدما حاولت هذه الأخيرة شراء الإمبراطورية الروسية النفطية العملاقة «يوكوس»، وذلك بهدف وضع أمن الطاقة الروسي تحت رحمتها، الأمر الذي تصدى له بوتين.
وترى بعض الأوساط السياسية أن روسيا ذهبت بعيداً في تحميل شخص واحد مسؤولية حقبة فوضى التسعينيات وجرائم الأثرياء الآخرين. فقد رأى نائب رئيس لجنة الأمن في مجلس الدوما، ممثل كتلة «روسيا العادلة» المقرّبة من بوتين، النائب غينادي غودكو، أن «الأجهزة الأمنية تستعرض حرصاً زائداً عن الحاجة في قضية يوكوس وخودوركوفسكي». وأضاف أن «هذا الاهتمام المفرط بخودوركوفسكي وغياب الاهتمام بنشاط الأثرياء الجدد الآخرين هو زائد عن الحاجة». أما النائب الشيوعي، فيكتور إليوخين، فقد اعتبر ما يجري «عاراً على العدالة الروسية».