واشنطن ــ محمد سعيدتمثّل زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى تركيا، التي أعلنتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أول من أمس، وقالت إنها قد تجري في شهر نيسان المقبل، إشارة واضحة إلى الأهميّة التي يوليها البيت الأبيض للعلاقة مع أنقرة، ولا سيما أن اعتقاداً يسود في واشنطن بأنها أصبحت تؤدّي دوراً إقليميّاً مهماً، وخصوصاً مع الجوار العربي ــ الإسلامي، وفي الصراع العربي الإسرائيلي.
ورجّحت مصادر مطلعة أن تجري الزيارة يومي السادس والسابع من الشهر المقبل ليشارك في مؤتمر تحالف الحضارات الثاني، الذي تستضيفه مدينة إسطنبول التركية وترعاه الأمم المتحدة وتترأسه بالشراكة تركيا وإسبانيا.
وكان البيت الأبيض قد ذكر عقب تولي أوباما سلطاته الفعلية في شهر كانون الثاني الماضي أن الرئيس الأميركي يعتزم إلقاء خطاب في دولة إسلامية، يتحدث فيه عن أهمية العلاقة مع العالم الإسلامي.
ويرى محلّلون وخبراء أن اختيار أوباما تركيا لتكون الدولة الإسلامية الأولى التي يزورها بعد توليه منصبه، سيعزز أيضاً دور أنقرة ومكانتها في إطار الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، فالولايات المتحدة معنية بالطلب من تركيا الإسهام في بدء الحوار مع إيران وتذليل العقبات أمامه، وتوسيع دورها في إطار المشاركة الأطلسية في أفغانستان وموضوع الانسحاب الأميركي من العراق، والمحادثات السورية ـــــ الإسرائيلية، واستخدام علاقتها مع حركة «حماس» لدفعها نحو المشاركة في عملية تسوية الصراع العربي الإسرائيلي.
حتى إن كلينتون كشفت في مقابلة مع شبكة «سي أن أن» التركيّة أن «الديموقراطية والحداثة والإسلام يمكنها جميعاً التعايش معاً». وقالت «إنني أنظر بالفعل إلى دور تركيا على أنها زعيم عالمي بالغ الأهمية».
وأشارت كلينتون إلى أن واشنطن ستسعى إلى مساعدة تركيا في خطة أوباما للحوار مع إيران. وقالت «نحن سنطلب مساعدتكم مع إيران، ولا سيّما في ما يتعلق بالتأثير في تغيير إيران لموقفها».
وكان وزير الخارجية التركي علي باباجان قد قال في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيرته الأميركية في أنقره أول من أمس، «لقد أجرينا مباحثات بشأن العراق وقبرص وسوريا وإسرائيل وفلسطين ولبنان والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وسنستمر وبالعزم نفسه والإرادة في مكافحة الإرهاب، كما تناولنا قضايا التعاون الاقتصادي»، مشيراً إلى أن تركيا والولايات المتحدة تعملان على أجندة واسعة من القضايا. وقال إن «العلاقات بين البلدين توضع في إطار علاقات الصداقة والمشاركة والتحالف».
ويعزو مراقبون قرار أوباما زيارة تركيا إلى عدد من الأسباب، أهمها إجراء مباحثات بشأن استمرار الوساطة التركية في المفاوضات بين سوريا وإسرائيل للتوصل إلى سلام فى المنطقة. وقد أكدت كلينتون أن حكومة أوباما تدعم جميع الجهود الرامية إلى تقديم حلول للمشاكل المتعلقة بالمنطقة، وأن إحلال السلام بين سوريا واسرائيل هو من الموضوعات المطروحة على جدول أعمال الحكومة الأميركية. وقالت إن «أهمية هذا المسار، جهود السلام، لا يمكن التهوين منها. تركيا أدّت دوراً بالغ الأهمية».
وقد أشار باباجان إلى أن هناك أربع جولات من المفاوضات عقدت بين سوريا وإسرائيل، «وكنا على وشك التوصل إلى عقد الجولة الخامسة عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت أنقرة في كانون الأوّل الماضي، لكن عُلّق الموضوع بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لأنه لا يمكن السير في مفاوضات السلام في ظل وجود اشتباكات». وأضاف إن «تركيا تولي أهمية كبيرة لتثبيت التهدئة بين إسرائيل وحماس في غزة، وفي حال توافر الشروط المناسبة.. وعندما تطلب إسرائيل وسوريا استئناف المفاوضات سيجري العمل على ذلك»، مشدداً على أن هذه المفاوضات بحاجة إلى دعم دولي، ولا سيما الدعم الأميركي».
وفي ما يتعلق بالانسحاب الأميركي من العراق عبر تركيا، قالت كلينتون إن الموضوع لا يزال في مرحلة الخطوات الأولى، وأمامنا فترة طويلة ونحتاج إلى إجراء استشارات عسكرية وفنية. كما جدد باباجان استعداد بلاده للتعاون مع الولايات المتحدة في عملية الانسحاب «إذا تلقت طلباً بذلك من الولايات المتحدة، ومتى رأت تركيا أنه لا توجد مخاطر من هذه العملية»، مؤكّداً أن «موضوع الانسحاب هو موضوع فني، ولا نعلم حتى الآن متى سينفّذ وهناك ضرورة لدراسة الموضوع دراسة مشتركة».
كما أشار الوزير التركي إلى أن المحادثات تناولت «النشاط الإرهابي» لحزب «العمال الكردستاني»، الذي قال إنه «يمثل عدواً مشتركاً لكل من تركيا والولايات المتحدة»، مشدداً على أن الولايات المتحدة ستعمل مع تركيا في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
وفي ما يتعلق بعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، قالت كلينتون إن «أوباما يقدم الدعم لعضوية تركيا بالاتحاد الأوروبي كما نقدم الدعم للتوصل إلى حل للمشكلة القبرصية».