طهران ــ محمد شمص تتزايد حدّة الخلافات في جبهة الإصلاحيّين في إيران مع تقلّص واضح في حظوظهم بالفوز في الانتخابات الرئاسية، التي تُجرى في 12 حزيران المقبل، بسبب تعدّد مرشّحيهم، بعدما أعلن رئيس الوزراء الأسبق مير حسين الموسوي ترشّحه.
وبذلك، يكون الموسوي الرقم الثالث في لائحة أسماء المرشّحين الإصلاحيين إلى جانب الرئيس السابق محمد خاتمي ورئيس مجلس الشورى الأسبق مهدي كروبي. بيد أن المهندس الموسوي رفض من ناحيته اعتبار نفسه مرشّحاً عن الإصلاحيّين، مؤكداً أنه مرشّح مستقلّ.
واللافت أن الاختلافات بين المرشّحين الثلاثة، رغم انتمائهم إلى طيف سياسي واحد، لم تنحصر في الشعارات الانتخابية أو الأهداف المستقبليّة، بل في كون كل منهم يتمسّك بترشّحه كواجب وتكليف وطني على أنه الأصلح لإدارة البلاد.
ولم يكن مفاجئاً ترشّح موسوي الذي اختار الاقتصاد عنواناً لحملته الانتخابية، مبرراً لترشّحه تغيّر الظروف واختلافها تماماً عمّا كانت عليه أثناء رئاسته لمجلس الوزراء في بدايات الثورة، لكن المفاجأة تكمن في تراجع خاتمي عن وعوده بالانسحاب لمصلحة الموسوي وقراره عدم الانسحاب من ساحة الانتخابات.
هذا الواقع وضع الإصلاحيين أمام تحدٍّ خطير، إذ بدأت الأصوات والدعوات تتزايد إلى لمّ الشمل والوحدة في سبيل التفاهم حول مرشّح موحد كشرط لازم لتحقيق الفوز. غير أن رئيس حزب «اعتماد مللي»، مهدي كروبي، يعتقد أن التعدّد في الترشيحات لا يضير الإصلاحيين شيئاً، بل سيدفع نحو إقبال أكبر شريحة ممكنة من جماهير الإصلاحيّين على صناديق الاقتراع، مشيراً إلى أن «المشكلة ليست في إجماع الإصلاحيّين على مرشّح واحد أو اختلافهم، بل ينبغي علينا ألا نُضعف بعضنا ونشوّه صورتنا».
ويبدو أن بعض رموز الإصلاح بدأوا بالتحرّك لحث رئيس مجلس الخبراء، علي أكبر هاشمي رفسنجاني، على الدخول في وساطة بين المرشّحين الثلاثة، على أنه الوحيد القادر على إقناعهم بالوصول إلى تفاهم.
لا شك أنها أزمة يمرّ بها التيار الإصلاحي تُعزّز من حظوظ منافس مرشحيهم الرئيس محمود أحمدي نجاد، الذي نقل مستشاره الأعلى محمد علي رامين عن إحصاءات تشير إلى أنه أكثر الرؤساء في تاريخ إيران المعاصر شعبيّة. وتؤكد شخصيّات من التيار المحافظ أنه لا نية لدى أحد المحافظين بتجاوز الرئيس نجاد أو منافسته، مع استبعاد ترشّح آخرين مثل رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، أو رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، أو حتى عضو الهيئة الرئاسية في مجلس الخبراء، آية الله محمد يزدي.
وسط هذه المناخات، أطلق الإصلاحيّون حملاتهم الانتخابية مبكراً، وأعلن الموسوي أنه سيبدأ زيارات إلى المدن والمحافظات، التي كان قد سبقه إليها كل من خاتمي وكروبي، في مقابل تركيز المحافظين حملتهم على توجيه الانتقادات اللاذعة لتجربة الإصلاحيّين الاقتصادية والسياسية خلال ثمانية أعوام من الحكم وعدم الانخداع بشعاراتهم مجدداً.
بيد أن جديد الشعارات والوعود الانتخابية يتمثّل في إعلان كروبي نيته توزيع أسهم شركات النفط والغاز على كل مواطن إيراني يبلغ سن 18 عاماً، من دون الحق في ملكيتها.
ويبقى التحدّي الأبرز الذي يواجه الموسوي، هو علاقته بالمرشد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي، التي أصابها الكثير من التوتر والفتور بسبب خلافات بينهما أثناء رئاسته للوزراء في زمن كان فيه خامنئي رئيساً للجمهورية.
في أي حال، لا يزال أمام المرشحين الإصلاحيّين تجاوز اختبار مجلس صيانة الدستور الذي سينظر في صلاحية ترشيحاتهم.