رغم أن إدارة باراك أوباما جلبت التغيير في استراتيجية عمل القطب الأميركي، فإنّه ليس تغييراً في المصالح الثابتة بغضّ النظر عمّن يسكن البيت الأبيض
باريس ــ بسّام الطيارة
«تغيرت الأساليب والهدف واحد»، هذا ما يمكن اختصاره من المؤتمر الصحافي الذي عقده الدبلوماسي الأميركي، مدير مركز التواصل الإعلامي الإقليمي الأميركي في الشرق الأوسط ــ دبي، مايكل بيلتيه، تلبية لدعوة نادي الصحافة العربي في باريس؛ فجلّ ما تفعله الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة باراك أوباما، هو تغيير أسلوب عملها لتحقيق مصالحها.
فالإدارة الأميركية لا تزال تبحث عن «سلام شامل» في المنطقة، وتغيير الإدارة لا يعني «قطيعة»، بل فقط تصويباً لطرق العمل. فعلى سبيل المثال وبشأن شروط الحوار مع حركة «حماس»، فإنها لم تتغير في واشنطن، حسب بيلتيه، ولو أعربت فرنسا عن استعدادها لفتح حوار مع الحركة بـ «مجرد التزامها مبادرة السلام العربية».
واستطرد بيلتيه قائلاً إن واشنطن «تتمسك بالشروط التي وضعها المجتمع الدولي وإن كانت دول أخرى تتبنى سبلاً أخرى»، فهو يعدّ هذا الأمر «شأناً خاصاً بتلك الدول». وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحوار بين حزب الله وبريطانيا، فبعدما أكّد على «الحلف القوي التاريخي» الذي يربط بلاده ببريطانيا، رأى أن لهذه الأخيرة الحق في اتّباع سياسة قد لا تتوافق بالضرورة مع سياسة بلاده. وقال «كل دولة تتخذ الخطوات التي تراها مناسبة».
وفي الحوار مع دمشق، أكّد بيلتيه أنّه «لا يزال في بداية الطريق»، رغم أنه أشار إلى أن وجهة سير واشنطن سوف تتحدّد بحسب أجوبة الطرف السوري.
وكشفت مصادر فرنسية لـ«الأخبار» أن مساعد وزيرة الخارجية بالوكالة، جيفري فيلتمان، الذي زار باريس قبل أيام، نقل للفرنسيين أنه تناول خلال لقائه مع نظيره السوري، وليد المعلم، مجمل الملفات التي يمكن أن تهم سوريا «ولم يكتفِ بالملف اللبناني كما شدّدت بعض الصحف»، واستطرد أنه «يتفهم إلى جانب الضرورات الاستراتيجية تجنب حصر الحديث بالملف اللبناني»، في إشارة مباشرة إلى الدور الذي أدّاه فيلتمان عندما كان سفيراً في لبنان عام صدور سلسلة القرارات التي حاصرت دمشق.
وقد وصف دبلوماسي فرنسي التغيير الذي حصل في مقاربة الدبلوماسية الأميركية لعلاقاتها مع دمشق، بأنه «مثل باريس» ومثل القديس بولس: «أخذت طريق دمشق»، في انطلاقة جديدة تعني في نظر الفرنسيين «تطوراً ملموساً».
ولم يربط بيلتيه الحوار السوري الأميركي بملف خاص وبالتحديد الملف الفلسطيني، رغم إشارته إلى أن «المقاربة المزدوجة مهمة». وبشأن الانفتاح على «حماس» وتخفيف الحصار السياسي عنها في حال تأليف حكومة وحدة، الذي بدأ يظهر في أوروبا، وخصوصاً في فرنسا، أكّد أن «الحظر على الحركة جرى بعد وصولها إلى السلطة بانتخابات». وشدّد على أنها «ديموقراطية» إلّا أنّ «حماس»، بحسب قوله، «رفضت شروط السلام أي نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير سابقاً». وأشار إلى أنّ الهم الأول الآن للمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، هو تثبيت وقف إطلاق النار.
وتجنّب الدبلوماسي الأميركي الإجابة عن سبب عدم «إخضاع إسرائيل لعقوبات مالية بسبب متابعتها بناء المستوطنات»، رغم الانتقادات الدولية التي توجّه إليها وفي المقدّمة تأتي من واشنطن التي ترى أنّها غير شرعية، معتبراً أن هذا الأمر «يجب حله بين المتفاوضين» أي الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأعاد بيلتيه التشديد على «النظرة الإنسانية للملف الفلسطيني». فأكّد على ضرورة إيصال المساعدات إلى الفلسطينيين، وقال إن «الولايات المتحدة وجدت دائماً طريقة لإيصالها إلى قطاع غزّة من دون المرور عبر الحكومة الفلسطينية»، مثل المرور عبر المنظمات غير الحكومية، قبل أن يعود ويؤكّد أن الأولوية الآن تتمثل في «دعم الحكومة الشرعية بقيادة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس».