Strong>خليفة «فرق الموت» معرَّض لخسارة أحاديّته لمصلحة أحفاد فاربوندو مارتيتشهد السلفادور غداً انتخابات رئاسية حاسمة. الحزب اليميني «أرينا» يحاول إيصال خامس رئيس من صفوفه، بينما يسعى يسار «فاربوندو مارتي» إلى «كسر النحس» وزيادة احمرار القارة اللاتينية. الأفضليّة تبقى للشيوعيين، رغم التخويف من شبح هوغو تشافيز ومن الأزمة الاقتصادية

بول الأشقر
تُعَدّ السلفادور، الدولة الأصغر من حيث المساحة بـ21 ألف كيلومتر مربع، من بين دول أميركا الوسطى الخمس. ومن السلفادور انطلقت الحركة الاستقلالية في أميركا الوسطى في بداية القرن التاسع عشر. وبعد إعلان استقلالها في عام 1856، عُرفَت كدولة مهمّة مصدّرة للبن، وهو ما بقيت عليه حتى الأزمة الكبرى عام 1929 التي أدّت أيضاً إلى انهيار الاقتصاد السلفادوري.
أزمة تسلّم على أثرها السلطة الديكتاتور الجنرال هرنانديز عام 1931، فقمع في 1932 انتفاضة فلاحيّة راح ضحيتها ثلاثون ألف قتيل، وتزعّمها القائد الشيوعي فاربوندو مارتي. وفي عام 1969، عرفت السلفادور نزاعاً مسلحاً مع جارتها هندوراس، عُرفت خطأً بـ«حرب كرة القدم»، بعدما طردت هندوراس مئات الآلاف من العمال السلفادوريين. وبعد انتصار الثورة الساندينية في نيكاراغوا عام 1979، مثّّل اغتيال مطران العاصمة (إل سلفادور) التقدمي اليساري، روميرو عام 1980، شرارة اندلاع الحرب الأهلية التي انتهت باتفاق السلام عام 1992، بعد سقوط 75 ألف قتيل. واعترفت الأمم المتحدة بأنّ 85 في المئة من ضحايا هذا الصراع ارتكبها الجيش و«فرق الموت» اليمينية المتطرفة الفاشيّة. وقد تعمّق تهميش القوى الوسطية بعد نهاية الحرب، وخسرت الرئاسة عام 1989 أمام مرشح حزب اليمين «أرينا» الصاعد، خليفة حزب «فرق الموت» سابقاً.
وبعد تحوّل «فاربوندو مارتي» إلى حزب سياسي، باتت اللعبة السياسية تنحصر به وبـ«أرينا». وغالباً ما يحقّق اليسار نتائج طيبة في الانتخابات النيابية والبلدية، ولكنه يفشل في الرئاسيات. ففي الدورة الأولى لعام 1994، نال مرشح «أرينا» 49 في المئة من الأصوات، في مقابل 25 في المئة للمرشح اليساري. وعام 1999، حصد «أرينا» 52 في المئة، و«فاربوندو مارتي» 29 في المئة. أما في عام 2004، فقد تمكّن مرشح «أرينا» طوني زكا من نيل 57 في المئة، بينما اكتفى مرشح «فارابوندو مارتي» شفيق حنظل، بـ38 في المئة.
وفي تلك الدورة، كانت المفارقة أنّ المرشحين (زكا وحنظل) هما من عائلات فلسطينية من بيت لحم، تربط بينهما صلات قربى. وكان حنظل شخصية بارزة في تاريخ الحركة الشيوعية، وأحد عمالقة السياسة السلفادورية، وقد توفي عام 2006 بعد حضوره حفل تنصيب إيفو موراليس في بوليفيا. أما زكا، فهو مذيع رياضي صار يملك إذاعات وتحوّل إلى الحليف الأول للرئيس جورج بوش في المنطقة التي خسرتها واشنطن بعدما ارتدت الثوب الأحمر.
وقد دلّت الانتخابات التشريعية والبلدية، التي حصلت قبل شهرين، أنّ «فاربوندو مارتي» استعاد مركزه الأول في البلاد، بعدما جمع أكبر كتلة برلمانية (35 نائباً من أصل 84). وهذا يعني أنه حتى لو فاز في انتخابات الرئاسة المنوي إجراؤها يوم غد الأحد، فسيكون مضطراً إلى التحالف مع حزب يميني صغير. في المقابل، تراجع نفوذ «أرينا» في البرلمان والبلديات، ولكنه عرف كيف يصمد، حتى إنه استعاد بلدية العاصمة التي حكمها اليسار 12 سنة متتالية.
وفي الأسابيع الأخيرة، احتدمت الحملة الإعلامية، وخرقت سرية حسابات المرشح اليساري موريسو فونيس المصرفية، لإثبات، ظلماً، أنه يتلقّى أموالاً من الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز. كما جرى اللجوء إلى الأزمة الاقتصادية للقول إنه في حال فوز اليسار فسيُطرَد العمال السلفادوريين من الولايات المتحدة، وهم الذين يقدّرون بأكثر من مليون، وأنه سيُعاد النظر في التسهيلات المعطاة لتحويلاتهم التي تفوق 15 في المئة من الناتج القومي.