واشنطن ــ محمد سعيداعترافاً بالعبء المتزايد الذي سبّبه اعتماد الولايات المتحدة على استراتيجية خوض حربين في آن واحد، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز»، أمس، أن البيت الأبيض يدرس إعادة النظر في هذه الاستراتيجية التي كان الرئيس الأسبق جورج بوش الأب قد تبنّاها في أواخر عهده، وطبّقها ابنه جورج بوش خلال سنوات حكمه الثماني، بشنّ حربين على كلّ من أفغانستان والعراق، ما أدى إلى استهلاك الكثير من الموارد الأميركية، وسبّب إجهاداً للقوات المسلّحة، بعد نشر أكثر من 200 ألف جندي في وقت واحد، ما زاد من صعوبة تنفيذ أي نوع من العمليات العسكرية في مكان آخر، في حال نشوب أزمة تتطلّب تدخّل الولايات المتحدة.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، مشارك في عملية مراجعة الاستراتيجية الأميركية قوله إنهم يحاولون فهم الدرس الذي يفيد بأن الحرب ضد حركات المقاومة المسلحة، التي من المرجّح أن تكون جزءاً من حروب مستقبلية، تتطلّب المزيد من القدرة على التحمّل حتى النهاية، وأكثر مما كان مطلوباً في الصراعات السابقة مثل الحرب التي شنّتها الولايات المتحدة على العراق في عام 1991، أو غزو «غرينادا» في عام 1983 في عهد رونالد ريغان، أو غزو بنما في عهد بوش الأب.
وأشارت الصحيفة إلى أن البنتاغون يعيد النظر بالتفصيل في الاستراتجية الأميركية، في إطار المراجعة الدورية التي تجريها وزارة الدفاع كل أربع سنوات، بطلب من الكونغرس. وذكرت الصحيفة أن أحد الأسئلة المطروحة أمام مخطّطي البنتاغون الآن هو ما إذا كان هناك سبيل لإعادة بناء القوات المسلّحة بطريقة تحقق المزيد من المرونة في التعامل مع مجموعة واسعة من الصراعات. ومن بين المسائل الأخرى المطروحة مدى التركيز الذي يجب تخصيصه في التخطيط للصراعات على عمليات مكافحة حركات المقاومة المسلحة، مثل الذي شهدته حربا العراق وأفغانستان، ومدى التركيز في الوقت نفسه على خصوم تقليديين مجهّزين جيّداً مثل إيران والصين، إذ شهد بحر الصين الجنوبي الأسبوع الماضي احتكاكاً بين سفينة تجسّس أميركية وسفن صينية. كذلك، قال مسؤول رفيع المستوى في البنتاغون إن وزارة الدفاع الأميركية تحتاج إلى الموازنة بين الاستراتيجية والقوة الموجودة، بما يعكس الدروس المستقاة من الحرب على العراق وأفغانستان.
أما المحلّل العسكري في معهد «بروكينغز» مايكل أهانلون، فأشار إلى أن كبار المسؤولين في البنتاغون يعرفون أن مراجعة جديدة ضرورية لتقديم تحليل كامل عما يمكن لبقية الوكالات الحكومية الأميركية أن تقدّمه للأمن القومي الأميركي.


قال وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، في مقابلة مع شبكة التلفزيون الأميركية العامة يوم الخميس الماضي، إن البنتاغون بدأ بإعادة النظر في ما إذا كانت فرضية خوض حربين في آن واحد لها أي معنى في القرن الواحد العشرين في توجيه التخطيط ووضع الموازنات وشراء الأسلحة. ورأى أن الولايات المتحدة ستكون أكثر حذراً في شنّ أي هجوم استباقي جديد.