وعد بأن يحكم وفقاً للدستور وسلّم باتفاقيّة التجارة الحرّة مع الولايات المتّحدةبول الأشقر
أفادت آخر نتائج المحكمة الانتخابية العليا السلفادورية، أمس، بأن مرشّح حزب «فارابوندو مارتي» اليساري، موريسيو فونيس، نال 51.3 في المئة من الأصوات، فيما حصل منافسه رودريغو أفيلا على 48.7 في المئة، ما يمثّل فارقاً من سبعين ألف صوت، لتلتحق الدولة الأميركية الوسطى الصغيرة بحركة التغيير التي شهدتها القارة اللاتينية.
وتخطّت المشاركة عتبة الستين في المئة، وجرت في أجواء هادئة بالإجمال، فيما كان أنصار «التغيير» و«الحرية» يتنافسون على أبواب مراكز الاقتراع لإقناع آخر المترددين.
وبعد بدء الفرز بسويعات، أعلن فونيس فوزه، قائلاً إن «المواطنين اختاروا الأمل وتغلّبوا على الخوف»، مستعيداً العبارة التي قالها الرئيس البرازيلي لويس إغناسيوس لولا دا سيلفا لدى انتخابه. وقال إن حزب «أرينا» «ينتقل الآن إلى المعارضة حيث سيكون صوته مسموعاً ومحترماً»، ووعد بأن يحكم «وفقاً للدستور، واضعاً أمام عينيه مصلحة الأكثريات الشعبية بغضّ النظر عن خياراتها السياسية».
وتلاه المرشّح الخاسر، محاطاً بالرئيس الحالي طوني زكا (الفلسطيني الأصل) وبأسلاف الأخير الثلاثة، واعترف بهزيمته، واعداً بأن «المعارضة ستكون يقظة وبنّاءة للدفاع عن حرية هذا البلد».
الرئيس فونيس هو أشهر صحافي سلفادوري. يبلغ من العمر خمسين عاماً، عمل صحافياً في التلفزيون والإذاعة خلال أكثر من عشرين سنة، ونال عدة جوائز مهنية محلية ودولية.
تميّز فونيس ببرامجه المشوّقة عندما حاور جميع زعماء المنطقة، وأيضاً ببرامجه النقدية عندما كان يلقي الأضواء على فضائح الحكومة، ما أدى إلى صرفه مراراً من عمله نتيجة ضغط هذه الأخيرة.
عمل الرئيس الجديد مراسلاً لشبكة «سي إن إن» بالإسبانية قبل أن يعتزل المهنة في نهاية عام 2007 للانخراط في العمل السياسي، لدى تعيينه مرشحاً رسمياً لحزب «فارابوندو مارتي»، بمناسبة مرور 18 سنة على تأسيس هذا الأخير. والحقيقة أن الحزب، الذي كان يعاني من مشكلة في الانتخابات الرئاسية (كما دلّت خساراته المتتالية وتحديداً تلك التي مني بها زعيمه التاريخي شفيق حنظل أمام طوني زكا المرشح شبه المجهول)، تبنّى عرضاً آتياً من المجتمع المدني بعنوان «أصدقاء موريسيو فونيس»، وقبل بالاكتفاء بتعيين نائب الرئيس سانشيز سيرين، آخر زعيم شارك في حرب العصابات لا يزال موجوداً في قيادته، وبأن يحدد فونيس بنفسه برنامجه الانتخابي. ما كان يعني ضمناً أن يكون فونيس ليس فقط محرّك التغيير الوطني بل أيضاً الحزبي. وأتى تعيين فونيس الباكر (نحو سنة ونصف قبل الاستحقاق)، لترسيخ آلية التغيير هذه وتوفير حظوظ النجاح لها.
على سبيل المثال، سلّم فونيس باتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، مطالباً بتحسينها بدلاً من إلغائها كما كان يطالب حنظل في حملته الانتخابية.
وينوي الآن فونيس، الذي لا يخفي إعجابه بالرئيس البرازيلي لولا وبالرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي أعلن حياد بلده عشية الاستحقاق، تأليف أوسع حكومة وحدة وطنية، لأن اليسار لا يتمتع بأكثرية في مجلس النواب (39 نائباً من أصل 84) وأيضاً ليشير إلى القطيعة مع ممارسات حزب «أرينا» الذي احتكر جميع مراكز الدولة خلال عقدين.
أبرز مشكلتين سيواجههما فونيس في ولايته، التي تبدأ في أول حزيران وتستمر خمس سنوات، هما مسألة العنف ومفاعيل الأزمة الاقتصادية الأميركية. فالسلفادور تعاني أعلى نسبة جريمة في أميركا اللاتينية، تقوم بها شبكات شبابية مسلحة تحمل اسم «الماراس»، وهي مؤلفة من مهاجرين طُردوا من الولايات المتحدة ومن عاطلين من العمل، هذا بالنسبة إلى المسألة الأولى. والمسألة الثانية تثير الذعر في السلفادور، إذ يخشى أن تؤدي إلى عودة أعداد كبيرة من المهاجرين السلفادوريين، أو بالحد الأدنى إلى تراجع تحويلاتهم، التي تشكل ثاني مصدر عيش للبلد.

تميّز ببرامجه المشوّقة عندما حاور جميع زعماء المنطقة، وببرامجه النقدية عندما كان يلقي الأضواء على فضائح الحكومة، التي نجحت مراراً في ضغطها لصرفه من عمله.
عمل فونيس مراسلاً لـ«سي إن إن» بالإسبانية، قبل أن يعتزل المهنة في 2007 للانخراط في العمل السياسي.