شهيرة سلّومخلال أيام، تُعلن الإدارة الأميركية الاستراتيجية الجديدة لباكستان وأفغانستان، التي تهدف إلى إعادة تفعيل الحرب على الإرهاب التي وعد باراك أوباما خلال حملته الانتخابية أن تكون «الجبهة المركزية» لقتال «القاعدة» بدلاً من بلاد الرافدين.
وبعد تنصيبه، تمرّد أوباما على قوانين جورج بوش، فسارع إلى اعتماد إجراءات إغلاق غوانتانامو والانسحاب من العراق. وظُنّ أنّ الحرب المقبلة ستكون في أفغانستان وباكستان، حيث ستحشد الولايات المتحدة وحلفاؤها كل ما أوتوا من قوة لاجتثاث «القاعدة» وإنهاء تلك الحرب التي باتت أطول الحروب الأميركية، لكن استحالة الظفر في تلك الحرب، جعل من «الانسحاب» أفضل الخيارات.
أعدّ أوباما استراتيجيته، كي يحقق هدفه المُعلن «عدم السماح للقاعدة أو حلفائها من المناطق القبلية الباكستانية باستهداف الولايات المتحدة»، وهي تتناول جميع الأبعاد السياسية والاجتماعية والتنموية والاقتصادية والأمنية. فتعمل على ما يسمى سياسة «الإغراق المدني» لتربية بيئة سليمة تكون غير مؤاتية لولادة أو الإرهاب رعايته، وفي الوقت نفسه خلق بيئة «صديقة»، وإقامة تحالفات مع القوى المحلية بغية محاصرة «العناصر الإرهابية» وفصلها عن بيئتها الحاضنة. يقول أوباما إن «جزءاً من نجاحنا في العراق يتمثل في كوننا تمكّنا من الوصول إلى أولئك الذين يعدّون مؤسسين إسلاميين وحثهم على العمل معنا..».
ومن أجل الاستفادة من «نجاح» التجربة العراقية، لا بد من «صحوة» باكستانية، تخوض الحرب بالوكالة، حيث بدأ التواصل (وهو ما كان قبل وصول أوباما للبيت الأبيض) مع القبائل المحلية. وفي أفغانستان، مدّ يدّ الحوار إلى «طالبان المعتدلين». إضافةً إلى الاستفادة من الخطط الأميركية التي نفّذتها الاستخبارات وقوات العمليات الخاصة وتتعلّق بشنّ هجمات جوية خاطفة ضدّ مواقع المتمرّدين وتصفية القادة الأساسيين منهم. إدارة أوباما تريد توسيع رقعة هذه الاستراتيجية لتشمل منطقة القبائل في مقاطعة بالوشستان.
منذ يومين، خرج أوباما ليُعلن «إننا نسعى لاستراتيجية خروج في أفغاستان». القرار الأميركي له علاقة بعاملين أساسيين، أولاً أن الظروف الداخلية وأزمة الركود الاقتصادي يُجبران على الانصراف إلى الداخل من أجل لململة الفوضى العارمة، وثانياً أنّ المعطيات الموجود في أرض المعركة تؤكّد أنّ «باكستان ليست العراق»، إذا اعتبرنا أنّ الإدارة تريد توكيل باكستان خوض حربها.
يقول مستشار قائد قوات الاحتلال السابق، دايفيد كيلكولين، في مقابلة مع «واشنطن بوست» منذ يومين، إن باكستان هي الجبهة المركزية للحرب على الإرهاب لأنها «تضم 173 مليون نسمة، 100 سلاح نووي، جيشاً أكبر من الجيش الأميركي، ومقارّ «القاعدة» تقبع في ثلثي مساحة البلاد حيث لا تستطيع الحكومة السيطرة عليها، والجيش والشرطة والاستخبارات لا تتبع الحكومة المدنية، هم دولة مارقة في قلب الدولة، ومع الأزمتين الاقتصادية والسياسية هناك مخاطر من انهيار دولة باكستان ووصول «القاعدة» إلى النووي وتسلّم الحكم».
وعن الحوار مع «طالبان» يقول إنّ «فرصة قلب الجماهير الحاضنة على طالبان مسألة أصعب بكثير مما هي عليه في العراق». وفي الواقع إن الأرض الباكستانية ـــــ الأفغانية، ليست مجرّد بيئة حاضنة للقاعدة، بل إنّها منشؤها. لتلك الأسباب أدرك أباما أنّ الأفضل هو: استراتيجية خروج. والبحث عن سبيل آخر.