دأب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، منذ بداية عهده، على إظهار مدى تقديره للسياسة الأميركية. ولكن هذا كان أيام عهد جورج بوش، الذي صُنّف الأقل شعبية في تاريخ الولايات المتحدة. أما اليوم، ومع الإدارة الجديدة، فماذا سيكون موقف ساركوزي؟
باريس ــ بسّام الطيارة
لماذا يتهرّب الرئيس الأميركي باراك أوباما من لقاء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي؟ سؤال بدأت الصحافة الفرنسية تتداوله بقوة مع اقتراب موعد قمة الـ٢٠ في لندن وقمة الحلف الأطلسي في ستراسبورغ في شرق فرنسا، وهو ربما ما دفع قصر الإليزيه للإعلان، في بيان، عن اتصال أجراه الرئيسان للتباحث في ما يتعلق بقمة الـ٢٠ في بداية الشهر المقبل.
وبدا بيان الإليزيه كأنّ «الاتصال بأهمية لقاء قمة» بين الرئيسين وتعويضاً عن «خيبة بغياب التواصل»، وخصوصاً أن ساركوزي، على عكس ما حصل مع غوردن بروان البريطاني، لم يُدعَ حتى الآن لزيارة أوباما منذ دخوله إلى البيت الأبيض.
وصدرت عدة تعليقات على «واقع العلاقة بين الرئيسين»، بعضها يشير إلى أن ساركوزي أظهر تذمّره من «الأوبامانيا التي تسيطر على العقول» بقوله، حسب صحيفة «لوبارزيان»، «إن العالم واسع ويمكننا أن نكون اثنين أو ثلاثة أو حتى أربعة»، في إشارة إلى احتلال أوباما للواجهة الإعلامية.
وزاد تلبّد الغيوم في أفق العلاقات الرسالة التي بعث بها أوباما قبل يومين إلى الرئيس السابق جاك شيراك، وشكره فيها على «الحكمة التي أظهرها على الساحة الدولية»، في إشارة مباشرة إلى موقف هذا الأخير المعارض للحرب على العراق المماثل لأوباما حين كان عضواً في مجلس الشيوخ. ويرى البعض أن هذه الرسالة، التي تسبق أول زيارة لأوباما إلى أوروبا، تصيب بطريقة غير مباشرة العلاقة التي ربطت ساركوزي بالرئيس السابق جورج بوش.
وزاد من حدّة الأمور إعلان البيت الأبيض أن أوباما لن يزور منطقة النورماندي، حيث مقابر الجنود الأميركيين الذين قضوا خلال الإنزال الكبير في الحرب العالمية الثانية، مثلما درجت العادة عند زيارة كل رئيس أميركي لفرنسا، قبل أن يعود ويعلن الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان أن أوباما سيزور فرنسا لمناسبة ذكرى إنزال القوات الحليفة في فرنسا في السادس من حزيران.
ويرى البعض أنه منذ الجولة الأولى لأوباما في أوروبا، حين كان مرشحاً، فإن «قدراً من سوء التفاهم» حلّق في فضاء علاقة الرجلين؛ فإلى جانب طروحات ساركوزي «القريبة جداً من طروحات المحافظين الجدد»، عاد الحديث ليتطرّق إلى أسباب عدم إقامة مهرجان شعبي لأوباما في وسط العاصمة باريس، مثلما جرى في عدد من الدول الأوروبية، والذي يرى البعض أن سبب ذلك يعود إلى أن الـ«أوبامانيا كانت ستجتذب أبناء الضواحي بكثافة»، وهو ما لا يحبّذه محيط الرئيس الفرنسي، خوفاً من صدور هتافات تذكّر بالمواقف السابقة لساركوزي من الضواحي التي تقطنها «أقليات ملوّنة».
ولكن هذا لا يمنع تخفيف مصادر في الإليزيه من أمر التباين، مع نفي وجود «برودة في العلاقات»، عازية إلغاء زيارة النورماندي لأسباب لوجيستية صعبة «أثارها الأميركيون»، قبل الإشادة بالمحادثة الهاتفية التي «دامت ثلاثين دقيقة»، وتطرّقت، حسب قول المصادر، إلى شؤون قمة الـ٢٠ وتوافق الرئيسين على «ضرورة الوصول إلى حلول ملموسة لتحقيق انضباط مالي على الصعيد الدولي»، مشددة على أن أوباما وساركوزي سوف يلتقيان خلال قمة لندن، وأن طروحات أوباما لمعالجة الأزمة العالمية بدأت «تأخذ منحى قريباً جداً من الطروحات الفرنسية».
والجدير بالذكر أن رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون كان قبل يومين في واشنطن، واستقبله نائب الرئيس جو بايدن.