عندما قدّم باراك أوباما مبادرة «البداية الجديدة» لإيران، لتناسي خلافات الماضي وفتح صفحة بيضاء، قيل إن السبب «أفغانستان»، وها هو يطلب تعاونها في حرب معقدةخلال إعلانه عن الاستراتيجية الجديدة لأفغانستان وباكستان، تعهد الرئيس الأميركي، باراك أوباما، مواصلة قتال تنظيم «القاعدة» حتى إلحاق الهزيمة به، محذّراً من أن التنظيم يخطط لشن هجمات جديدة، داعياً إيران إلى الانخراط في استراتيجيته ضمن «مجموعة اتصال» لأفغانستان وباكستان.
وقال أوباما: «أريد أن يفهم الشعب الأميركي أنّ لدينا هدفاً واضحاً ومركّزاً، تعطيل، تفكيك، وهزيمة القاعدة في باكستان وأفغانستان ومنع عودته إلى أي من هذين البلدين في المستقبل». وأضاف: «هذا هو الهدف الذي علينا تحقيقه. وللإرهابيين الذين يعارضوننا، رسالتي هي نفسها: سوف نهزمكم». وأكّد أن منطقة الحدود الباكستانية هي «المكان الأخطر في العالم» للأميركيين. ووصف تنظيم «القاعدة» بأنه سرطان يمكن أن يفتك بباكستان. وتابع أن «الوضع محفوف بالمخاطر بصورة متزايدة، لقد مضت سبع سنوات منذ أُسقطت طالبان عن الحكم، وما زالت الحرب مشتعلة والمتمردون يسيطرون على أجزاء من باكستان وأفغانستان»، مضيفاً: «القاعدة وحلفاؤه الإرهابيون» الذين خططوا ودعموا هجمات 11/9 هم في أفغانستان وباكستان». وأشار إلى أنّ «وكالات استخبارية متعددة حذّرت من أن القاعدة يخطط بنشاط لمهاجمة أرض الولايات المتحدة من جناته الآمنة في باكستان».
ووجه أوباما تحذيراً إلى الحكومة الباكستانية «إن لم تتصرف من خلال استخباراتها في المناطق التي يقبع فيها الإرهابيون، فإن الولايات المتحدة ستتصرف». وقال إن «مستقبل أفغانستان مرتبط بصورة وسيطة بمستقبل جارتها، باكستان»، في إشارة إلى الدور المركزي الذي ستؤديه إسلام آباد في الحرب على الإرهاب.
وأوضح أوباما أنه منذ 11 أيلول، فإنّ «القاعدة» وحلفاءه انتقلوا إلى المناطق الحدودية الباكستانية «وهذا يتضمن بالتأكيد قيادات القاعدة: أسامة بن لادن وأيمن الظواهري»، لذلك فإنه يتعين على الحكومة أن «تكون شريكاً فعالاً لتدمير تلك الجنات الآمنة، ويجب علينا عزل القاعدة عن الشعب الباكستاني».
وفي الوضع الأفغاني السياسي، حذّر أوباما من أنّه لن يغض الطرف عن الفساد، قائلاً: «سأكون واضحاً، لا يمكننا أن نغض الطرف عن الفساد الذي يسبب لأفغانستان خسارة الثقة في قياداتها». وأضاف: «بدلاً من ذلك، سوف نسعى إلى ميثاق جديد مع الحكومة الأفغانية التي يتآكلها سلوك الفساد، ونضع مقاييس واضحة للمساعدة الدولية التي يمكن أن توفر احتياجات الشعب الأفغاني».
وقال أوباما إنه سيدعم خطة لزيادة المساعدات إلى أفغانستان ثلاثة أضعاف بمعدل 1.5 مليار دولار في العام ولمدة 5 سنوات. وأعلن خطته السابقة المتعلقة بإرسال 4 آلاف عنصر إضافي لتدريب الجيش الأفغاني، إضافة إلى الـ 17 ألف جندي الذين أعلن سابقاً عن نيته نشرهم في المنطقة.
وفي خطوة باتجاه إيران، اقترح الرئيس الأميركي تأليف مجموعة اتصال جديدة بشأن أفغانستان تتضمن طهران. وقال: «مع الأمم المتحدة، سنكوّن فريق اتصال جديداً لأفغانستان وباكستان من أجل أمن المنطقة». وأضاف: «المجموعة يجب أن تتضمن حلفاءنا الأطلسيين وشركاء آخرين، وأيضاً دول آسيا الوسطى، والدول الخليجية وإيران وروسيا والهند والصين»، مشيراً إلى أن «لا دولة من تلك الدول تستفيد من وجود مركز لإرهابيي القاعدة وانزلاق المنطقة إلى الفوضى».
في هذا الوقت، يُعقَد في موسكو مؤتمر دولي عن أفغانستان تنظمه منظمة «شنغهاي»، وقد أعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني، محمد مهدي آخوند زادة، أن الدبلوماسيين الإيرانيين لا يرغبون بلقاء نظرائهم الأميركيين في المؤتمر، قائلاً: «نحن هنا (في موسكو) لنناقش مشاكل أفغانستان فقط». ويُرتقب أن يُعقَد مؤتمر دولي آخر بشأن أفغانستان في هولندا في 31 آذار الجاري برعاية الأمم المتحدة.
وأشار مسؤول أميركي في المؤتمر إلى أن أفغانستان «مكان مثمر جداً» للانخراط بين الولايات المتحدة وطهران، قائلاً: «نرى إيران لاعباً مهماً بالنسبة إلى أفغانستان. ونرى هذا مجالاً فعالاً للانخراط معاً في المستقبل».
(أ ب، أ ف ب)