strong>ليس اللقاء الأول الذي يُعقَد بين مسؤولين إيرانيّين وأميركيين في لاهاي منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، لكنه قد يكون بمثابة كسر جليد لهذه العلاقات التي تجاوزت المحرّمات، أقلّه في الخطاب الإيرانيأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أن لقاءً مقتضباً و«ودياً» جمع أمس مسؤولين أميركيّين وإيرانيّين رفيعي المستوى، على هامش مؤتمر إعادة إعمار أفغانستان في مدينة لاهاي الهولنديّة.
وقالت كلينتون، إثر المؤتمر، إن «ممثلنا الخاص لأفغانستان ريتشارد هولبروك، أجرى لقاءً مقتضباً، لكنه وديّ مع رئيس الوفد الإيراني» نائب وزير الخارجية محمد مهدي خوندزاده.
وأوضحت أن اللقاء، وهو الاول من نوعه في عهد باراك أوباما، كان «سريعاً»، لكن هولبروك وخوندزاده اتفقا على «مواصلة الاتصالات».
وأضافت الوزيرة الأميركية أن حضور إيران المؤتمر كان «إشارة واعدة بتعاون مقبل»، موضحة أن «الولايات المتحدة وإيران وكل الدول التي حضرت هنا اليوم لها مصلحة مشتركة في أن تكون أفغانستان مستقرة وآمنة».
وقالت كلينتون إنها طلبت، في رسالة إلى السلطات الإيرانية، القيام بمبادرة «تركّز على ثلاثة مواطنين أميركيين عاجزين حالياً عن مغادرة إيران إلى الولايات المتحدة: روبرت ليفنسون وروكسانا صابري وعائشة مؤمني»، مشيرة إلى أن السماح لهؤلاء بالسفر سيُمثّل «مبادرة إنسانية» تُظهر «روح التجديد والكرم التي تطبع العام الفارسي الجديد».
ونبّهت كلينتون إلى أن إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً في نيسان، كما هو مقرر، يمثّل «استفزازاً»، و«سيكون هناك تداعيات أكيدة في مجلس الأمن إذا قاموا بهذه العملية».
من جهة أخرى، أيدت الوزيرة الأميركية المصالحة مع عناصر طالبان «الذين ينبذون العنف»، قائلة: «علينا أن ندعم جهود الحكومة الأفغانية لفصل متطرفي القاعدة وطالبان عن أولئك الذين انضموا إلى صفوفهم بدافع اليأس لا الاقتناع».
وعرضت كلينتون استراتيجية بلادها الجديدة في أفغانستان، مشيرة إلى أن «تهريب المخدرات، وتوسّع التطرّف العنيف، وإدارة المياه، والحصول على الكهرباء والري تمثّل تحديّات تتطلب حلولاً إقليمية». وانتقدت كلينتون بقسوة الفساد المستشري في أوساط الحكومة الأفغانية، قائلة إن «الفساد سرطان خطير بالنسبة إلى نجاحنا على المدى الطويل، على قدر ما هي القاعدة أو طالبان»، مشيرة إلى أن «الحكومة العاجزة عن تقديم إنجازات لشعبها تمسي أفضل أداة لتجنيد إرهابيين».
وذكّرت كلينتون بأهمية تنظيم انتخابات رئاسية «حرة ومنصفة» في آب المقبل، خصصت لها الولايات المتحدة مساعدة من 40 مليون دولار. وأكدت أن الهدف هو رفع عديد الجيش الأفغاني إلى 134 ألف جندي في 2011، في مقابل أقل من 80 ألفاً اليوم.
في المقابل، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني، في لاهاي، أن أي زيادة في القوات الأجنبية في أفغانستان «سيُثبَت عدم فاعليتها»، لكنه قال إن بلاده «مستعدة للمشاركة في المشاريع الهادفة إلى مكافحة تهريب المخدرات ومشاريع التنمية وإعادة الإعمار في أفغانستان».
ودعا خوندزادة، من دون أن يذكر الولايات المتحدة تحديداً، إلى رحيل القوات الأجنبية عن هذا البلد، منتقداً قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما إرسال تعزيزات إلى أفغانستان. وتابع: «ينبغي إعادة تخصيص النفقات العسكرية لتدريب الشرطة والجيش الأفغانيّين وتركيز عملية إعادة بناء حكومة على أفغانستان»، مؤكداً أهمية الانتخابات الرئاسية المرتقبة في آب المقبل في البلاد. كذلك أبدى تأييده لتعزيز دور الأمم المتحدة في هذا البلد.
أمّا الرئيس الأفغاني حميد قرضاي فقد ذكر أن بلاده تحتاج إلى تعاون إقليمي لمكافحة «الإرهاب». وأضاف: «أرحب بالاعتراف المتنامي بأنه من دون تعاون حقيقي من جانب جيران أفغانستان لن يتحقق النصر على الإرهاب»، منوهاً بالاستراتيجية الأميركية الجديدة التي تتعامل مع عدم الاستقرار الإقليمي أولاً حتى يمكن القضاء على «التمرّد» الذي تقوده «طالبان».
ودعا قرضاي المانحين، لدى افتتاحه مؤتمر لاهاي، إلى دعم صندوق مخصص لتدريب الجيش الأفغاني بنحو ملياري دولار سنوياً، يديره حلف الأطلسي.
وفي السياق، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ياب دي هوب شيفر، إن الصندوق يعتمد على دول مثل اليابان والسعودية، غير المشاركة عسكرياً، لكنها تملك موارد مالية متينة.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، أن الرئيس نيكولا ساركوزي سيعلن خلال قمة حلف شمال الأطلسي في ستراسبورغ (شرق) السبت المقبل، إرسال 150 دركياً فرنسياً إلى أفغانستان في إطار قوة الدرك الأوروبية.
وتعليقاً على اللقاء الأميركي ـــــ الإيراني، قال مساعد مدير دائرة الإعلام في الخارجية الروسية، إيغور لياكين فرولوف: «تلقينا هذه المعلومات إيجابياً. نرى أنها خطوة أولى في الاتجاه الصحيح لإجراء اتصالات أميركية إيرانية مباشرة بهدف تسوية المشكلات الموجودة».
وفي السياق، نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية غوردن دوغويد ما يشاع عن عزم بلاده على افتتاح قنصلية لها في طهران، وإن أكد أن «هذا الأمر غير مستبعد، ونحن نراجع كامل سياستنا تجاه إيران، لكن كل شيء يعتمد على فرضية ما إذا كانت إيران ستؤدي دوراً إيجابياً».
(رويترز، أ ف ب، أ ب)


الولايات المتحدة تساعد أعداءها نووياً

واشنطن ــ الأخبار