فُتح فصلٌ آخر، أمس، من سلسلة عمليات «التطهير» التي تشنّها أنقرة على معارضي الرئيس رجب طيب أردوغان في أجهزة الدولة، ضمن معركةٍ باتت شبه «شخصية» بين الأخير ومن يتهمهم بالتخطيط لـ«الانقلاب». فقد اعتقلت السلطات التركية 23 شخصاً، أمس، في إطار التحقيقات في قضية «التنصت غير المشروع» على أردوغان. في هذا الوقت، حصد ترؤس أردوغان اجتماع مجلس الوزراء يوم أول من أمس، انتقاداتٍ واسعة، أبرزها اتهام رئيس حزب «الحركة القومية التركية» المعارض، دولت باهشتلي، أردوغان بالتسبب بأزمة في النظام عبر تفرّده بالحكم، متوعداً بالتخلّص من الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وتعليقاً على حملة الاعتقالات الأخيرة، تعهد أردوغان، يوم أمس، مواصلة الحملة ضد حركة الداعية فتح الله غولن التي تسيطر على شبكة واسعة من المنظمات غير الحكومية والمدارس والمؤسسات. وقال: «لقد اقتُحمت أوكارهم» في إشارةٍ إلى إلقاء القبض على من يتهمهم بالانتماء إلى «الكيان الموازي» (تسمية أنقرة لحركة غولن)، مضيفاً: «نعلم جيداً الأسباب التي تقف وراء جهود ربط بلادنا بالإرهاب في المحافل الدولية التي تتحالف مع الداخل والخارج لإبعاد تركيا عن طريقها».
بهشتلي: ستتخلص تركيا من «العدالة والتنمية» في 7 حزيران المقبل

وخلال «قمة أسواق الطاقة»، في أنقرة، جدد أردوغان الربط بين أحداث حديقة غيزي وبين فضائح الفساد التي يسمّيها «محاولة انقلابية»، مشيراً إلى أن الاحتجاجات الشعبية أرادت «تعطيل الاقتصاد في البلاد، ومهدت الطريق للكشف عن النيات الأصلية المختلفة التي تقف وراء المحاولة الانقلابية خلال عمليات 17 و25 كانون الأول 2013 (تاريخ فضائح الفساد)».
حملة الاعتقالات التي شملت أربع مدن بينها أنقرة وإسطنبول، استهدفت هذه المرة موظفين ومسؤولين سابقين في الهيئة الإدارية لتنظيم الاتصالات والوكالة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا. وفي ما يدلّ على مضيّ الحكومة قدماً في حملة «التطهير» من المعارضين، نشرت الجريدة الرسمية، أمس، قرار إبدال 21 ضابطاً محلياً في الشرطة. والأسبوع الماضي نشر المجلس الأعلى للقضاة والمدعين مرسوماً يتضمن نقل نحو 800 قاضٍ.
كذلك، إن هذه الحملة سبقتها سلسلة عمليات، بدأت الصيف الماضي، وأتاحت لأنقرة اعتقال عشرات الأشخاص، بينهم رجال شرطة.
وبدأت المحاكمة الأولى في مطلع كانون الثاني، لمحاكمة 13 مشتبهاً فيهم بتهمة وضع ميكروفونات في مكاتب أردوغان الذي كان رئيساً للوزراء آنذاك.
من جهةٍ أخرى، وضمن ردود الفعل على تسجيل أردوغان «سابقة»، حين ترأس اجتماع مجلس الحكومة، فيما لم تعهد تركيا وضعاً مماثلاً إلا في الحالات الطارئة التي ينصّ عليها الدستور، انتقد رئيس حزب «الحركة القومية التركية» المعارض، دولت باهشتلي، فعل أردوغان، متهماً إياه بمحاولة «جمع كل خيوط السياسة في يده، والتسبب بأزمة في النظام». وفي كلمة ألقاها أمام كتلته البرلمانية، في أنقرة أمس، قال: «نحن لا نعترض على الصلاحيات التي منحها الدستور لرئيس الجمهورية، بل نريد معرفة الأسباب التي دفعت رئيس الجمهورية إلى ترؤس اجتماع الحكومة». ودعا بهشتلي نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم إلى التصويت لإحالة 4 وزراء أتراك سابقين طاولتهم مزاعم فساد، إلى المحاكمة، بعد قرار لجنة التحقيق البرلمانية عدم إحالة الوزراء على محكمة الديوان الأعلى، (محكمة يجري تشكيلها من أعضاء المحكمة الدستورية العليا، للنظر في قضايا كبار مسؤولي الدولة الذين أحالهم عليها البرلمان). وأضاف بهشتلي أن تركيا ستتخلص في 7 حزيران المقبل، موعد الانتخابات البرلمانية، من حزب «العدالة والتنمية»، ومن «سيناريوات» أردوغان، وفق تعبيره.
(أ ف ب، الأناضول)