انتهى «منتدى بيليم» «عالم آخر ممكن» بعدما رفعت التوصيات من «خيم المحاور» إلى «خيمة الخيمات» لإعادة توزيعها بغياب بيان ختامي كما هو التقليد السائد، على أمل أن نصل إلى عالم آخر، قبل أن نصبح من «العالم الآخر»
بول الأشقر
انتهى في بيليم، شمال البرازيل، المنتدى الاجتماعي التاسع، مثبتاً قدرته على استقطاب المشاركين، الشباب خصوصاً، وتوفير كمية هائلة من المعلومات لهم، رغم بعض الهفوات التنظيمية التي رافقت انعقاده، ولا سيما أن بيليم تنظّم للمرّة الأولى حدثاً من هذا الوزن.
وتعود الإشكالية التي تلاحق المنتدى منذ تأسيسه، عما إذا كان مكاناً لتبادل تجارب أم للتدخل في السياسة؟ فمن جهة ترى القوى النقابية أن المنتدى لا يستطيع أن يكون مجرد «بازار» حيث يكتفي كل طرف بعرض بضاعته سنوياً، وأنه لا يجوز ألا يقول ولو كلمة جامعة عن أحداث مثل الأزمة الاقتصادية المالية أو قضية فلسطين أو مستقبل الأمازون على سبيل المثال.
من جهة أخرى، ترى المنظمات غير الحكومية، التي لها دور حاسم في التمويل، أن «مناعة هذه الأممية الجديدة النقابية وغير الحكومية» لن تصمد إذا تمّ تسييسها أو تحميلها أكثر مما تحتمل.
هناك أيضاً ظلم يلاحق «المنتدى»، منذ أن لقّب، برضاه، بالأنتي ـــــ دافوس عام 2001، حين أصبح يطالب بحل للأزمة المالية العالمية. فمساهمة المنتدى الأساسية، كانت بالتصدي باسم المتضررين من النيو ـــــ ليبرالية والمعترضين على أحاديّتها لمعالجة مشاكل العالم ولتأمين مستقبل زاهر للجميع.
يبدو اليوم هذا الكلام مضحكاً، فيما رمت الأزمة المالية التي ولّدتها النيو ـــــ ليبرالية العالم في ظلام قاتم، في وقت تكشف فيه يوماً بعد يوم عن عمقها وعن تفاعلاتها التي لم تنته بعد.
ويحسب للمنتدى «أنه أول من شكّك بثقة دافوس بنفسه، وفرض عليه إدخال تعديلات على أجندته بالأخذ في الاعتبار مواضيع مثل أفريقيا أو الفقر أو الجوع أو الاحتباس الحراري».
ولمن تابع عشرات الندوات التي كرست للمواضيع الاقتصادية، يمكن القول إن المنتدى قدم عدداً من الأجوبة على بعض أوجه الأزمة العالمية مثل: رفع الحدّ الأدنى للأجور، وتوسيع شبكات الحماية الاجتماعية، والدفاع عن القطاع العام وعن خدماته، وإنهاء استقلاليات المصارف المركزية، وتأميم المصارف الخاصة...
أيضاً، كان هناك مئات من الاجتماعات والمعارض التي أشارت إلى حيوية ما يسمى «الاقتصاد المتضامن» وأدواته الجديدة من مصارف اجتماعية بعملتها الخاصة، ومن مشاريع إنتاجية قائمة على الإدارة الذاتية، ومن خدمات اجتماعية تجعلها ثورة الاتصالات المتسارعة ممكنة، ومن أشكال متطورة من التعاونيات.
ومع تخلّي دافوس عن عقيدته السابقة، وخصوصاً في هذه الظروف، يمكن أن يكون المنتدى الاجتماعي قد فقد شيئاً من دوره «النقيض» وأيضاً من جاذبيته للإعلام العالمي، بالإضافة إلى القرار، الذي يبدو أنه اتخذ في عقده مركزيّاً كل سنتين.
وفي السياق، يرى شيكو دي أوليفيرا مرجعية معنوية في المنتدى، ويرى أنه يجب على هذا الأخير أن ينتقل المرة المقبلة إلى الولايات المتحدة ليستعيد بريقه بمناسبة وصول باراك أوباما. وكانت المغرب، بصفتها نقطة تقاطع بين أفريقيا والقضية الفلسطينية، مرجّحة لتكون مقرّ المنتدى المقبل. ويقال في الكواليس إن موقف المملكة «القاسي» إزاء موضوع الصحراء، موضوع تقليدي في المنتدى، ضاعف من احتمال عقده عام 2011 في ... بيروت!