موسكو ترحّب بدعوة واشنطن إلى تسريع مفاوضات الحدّ من انتشار الأسلحة النوويّةورثت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ملفات شائكة من دون أدنى شكّ، لعلّ أشدّها تعقيداً الأزمة الاقتصادية المستفحلة التي يحاول معالجتها من خلال خطّة اقتصادية تتضمن شرط «اشتر السلع الأميركيّة»، الذي أثار امتعاض الشركاء التجاريين على اعتباره إجراءً حمائياً، ما يضع الرئيس في موقف حرجأبدى الرئيس الأميركي باراك أوباما، أول من أمس، خشيته من أن تُشعل أحكام «اشتر السلع الأميركيّة» (ضمن حزمة الحوافز الاقتصادية بـ900 مليار دولار) حروباً تجارية تُفاقم من أزمة انخفاض النمو العالمي، فيما تلقى دعوته إلى الإسراع في محادثات الحدّ من الانتشار النووي أصداءً إيجابية في موسكو.
وتعليقاً على الاحتجاجات الحادة من شركاء الولايات المتحدة التجاريين على المعايير التي تتضمنها حزمته الاقتصادية، قال أوباما، في مقابلة مع محطة «أي بي سي»، «أعتقد أنه يتعيّن علينا التأكد من أنّ أي أحكام ستعتمد لن تشعل حرباً تجارية».
وفي مقابلة ثانية مع «فوكس نيوز»، قال أوباما «أوافق على أنه لا يمكننا أن نبعث برسالة حماية. أريد أن أعرف أيّ نوع من اللغة يمكننا العمل من خلالها على هذه القضية». وأضاف «أعتقد أنه سيكون من الخطأ لنا، في وقت تشهد فيه التجارة حول العالم انحداراً، أن نبعث برسالة أننا بطريقة ما نهتم فقط بأنفسنا ولا نقلق على التجارة العالمية».
ويضع مشروع قانون الـ90 مليار دولار، الذي يناقش في مجلس الشيوخ، شرط «اشتر السلع الأميركية»، بحيث يمنع استخدام رزمة الحوافز لشراء الفولاذ والحديد أو أيّ من مواد البنية التحتية لمشاريع البناء من الخارج، وهو ما أثار غضب الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، كأوروبا واليابان وكندا، لكونه يعتبر إجراءً حمائياً لتشجيع السلع الوطنية. وحذّر هؤلاء الشركاء من أنّه قد يطلق إجراءات عالمية انتقامية، كالحروب الضريبية إبّان الركود العظيم في الثلاثينيات.
وعبّر وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينمير، بعد لقائه نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، عن امتعاضه من شرط «اشتر السلع الأميركيّة»، محذّراً من أنّ «النزعات الحمائية الجديدة في العالم لن تكون جيدة للاقتصاد العالمي». وأضاف أن «اقتصاد الولايات المتحدة، كما اقتصاد الأوروبيين والألمان، يعتمد على الأسواق المفتوحة والتبادل الحرّ، والأسواق المغلقة لن تفيد بتاتاً في ظل الأوضاع الحالية».
من جهة ثانية، تلقّى أوباما ضربة موجعة في بداية حكمه مع انسحاب وزيره للصحة توم داشيل، على خلفية مشاكل ضريبية، واعترف بخطئه قائلاً لـ«سي أن أن» «نعم لقد أخفقت، وأنا أتحمّل المسؤولية»، كما أعلن أنه سيتحدث عن «ضرورة مراقبة رواتب مسؤولي الشركات التي تتسلّم أموالاً من الحكومة الفدرالية». وأضاف «إذا كان دافع الضرائب يساعدكم، تقع عليكم بعض المسؤوليات، ومنها ألا تعيشوا مثل أثرياء كبار».
وفي ملف خارجي لا يقلّ أهمية، دعا رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إلى إجراء خفض كبير في مخزون القنابل النووية التي لدى الولايات المتحدة وروسيا، في إطار رؤية للعالم قال إنها اكتسبت قوة دافعة من أوباما. وقال، في تعليق لصحيفة «سودويتش تسايتونج» الألمانية، إنه ينبغي للولايات المتحدة وروسيا تنشيط مفاوضات نزع الأسلحة بهدف خفض عدد الرؤوس الحربية النووية من العدد الحالي الذي يبلغ 27 ألف رأس حربي إلى ما بين 500 و1000. وأضاف أن «هذا يجب أن يصاحبه بدء سريان معاهدة حظر التجارب النووية التي تم التوصل إليها في عام 1996 المنتظرة منذ فترة طويلة وإجراء مفاوضات مبكرة بشأن معاهدة للتحقق من حظر إنتاج المواد الانشطارية كوقود للأسلحة النووية».
من جهتها، رحّبت روسيا بدعوة الإدارة الأميركية الجديدة إلى الإسراع في نزع السلاح النووي، وتمنّت أن تدفع الجهود الجديدة للقوى العظمى إبان الحرب الباردة الدول الأخرى كي تحذو حذوها.
وقال نائب رئيس الحكومة الروسي سيرغي إيفانوف لوكالة «فرانس برس»، «نرحّب ببيان إدارة أوباما الذي أعرب عن استعدادهم (الأميركيين) للدخول في محادثات وإنهائها في غضون عام، وتوقيع معاهدة أميركية روسية جديدة بشأن الحدّ من الأسلحة الاستراتيجية الدفاعية»، مؤكّداً «نحن مستعدون لذلك، من دون أدنى شك».
وفي ملف معتقل غوانتنامو، دعا نواب أوروبيون من ستراسبورغ بلدان الاتحاد الأوروبي إلى مساعدة أوباما على إغلاق المعتقل، بالموافقة على استقبال معتقلين سابقين. إلا أن قرار الموافقة على استقبال معتقلين يبقى قراراً وطنياً.
ومن المقرّر أن يتوجه وفد من الاتحاد الأوروبي، برئاسة المفوض الأوروبي لشؤون العدل جاك بارو، هذا الشهر إلى واشنطن، لبحث المعضلة القضائية التي يطرحها المعتقلون الـ245 الذين لا يزالون موقوفين في غوانتنامو.
(أ ف ب، أ ب)