بول الأشقرإثر حوار مع المجتمع الأهلي، بدعم لوجيستي برازيلي وإشراف الصليب الأحمر، أفرجت القوات الثورية الكولومبية المسلحة (الفارك)، عن ست رهائن، في وقت يظهر فيه الرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي، الطامح لولاية ثالثة، عاجزاً عن استغلال الحدث سياسياً.
وتكمن أهمية الحدث في أنها المرة الأولى التي تفرج فيها «الفارك» عن أعضاء في القوى الأمنية والجيش، إضافة إلى أنها في هذه الصفقة تطلق سراح أهم رهائنها السياسيين الـ 23، وهما حاكم ولاية ميتا، ألان خارا، الذي اختطِف عام 2001، والنائب السابق المخطوف في عام 2002، سيخيفريدو لوبيز، الذي من المقرر الإفراج عنه اليوم.
لكن عملية الإفراج لم تكن سهلة وشابها مشاكل عديدة؛ فقد طالبت «الفارك» بضمانة أجنبية، فاقترح أوريبي الفاتيكان، التي رُفِضَت، فتكفلت البرازيل بالنقل وباللوجستية العسكرية. ثم طالبت بإشراف الصليب الأحمر، الذي وكله أوريبي بعد ضغوط شعبية. وبدوره، طالب الصليب الأحمر بالنائبة المعارضة، ببيداد كوردوبا، التي عاونت هوغو تشافيز في ملف الرهائن، والتي ينعتها طاقم أوريبي بـ«الخائنة». وهذه الأخيرة فرضت «كولومبيون من أجل السلام»، التي دعت إلى فتح حوار مع «الفارك» والإفراج غير المشروط عن رهائنها، والتي تعد العملية أولى ثمار تجاوب القيادة الجديدة برئاسة غوستافو كانوا معها.
وبدأت العملية، التي قسمت إلى ثلاث مراحل، نهار الأحد الماضي بالإفراج عن «العسكريين». عملية سيطر عليها التوتر، مع تحدث «الفارك» عن معارك كلفتها قتيلاً، الأمر الذي نفته كلياً الحكومة، ثم عادت لتعترف بتحليقها على علو مرتفع، لأغراض مراقبة، فيما كذّب أعضاء وفد «كولومبيون من أجل السلام» وصحافيون رواية الحكومة.
بعد الإفراج عن العسكريين، أقال أوريبي «كولومبيون من أجل السلام» من بقية العملية، لكن الصليب الأحمر فرض عودة كوردوبا وعدم التحليق حتى على علو مرتفع. وأول من أمس كان مكرساً للإفراج عن ألان خارا. إلا أن الحكومة غير المتحمسة لعملية تجري خارج إخراجها، منعت تصوير وصوله، ثم تراجعت أمام الضجة.
وشكر خارا كوردوبا ثم انتقد بقوة أوريبي، مشيراً إلى أنه خلال كل السنوات الماضية أدى «هو والفارك دور الحليفين، غير مباليَين بعذابات الرهائن وعائلاتهم».
ونفى خارا، الرواية الرسمية عن أن الفارك «منتهية»، مؤكداً أن التوصل إلى اتفاق سياسي مع «الفارك» هو الحل الوحيد الكفيل بوضع حد للصراع، وأعلن تجنده في «كولومبيون من أجل السلام».
من جهة أخرى، تبقى محاولة أوريبي تعديل الدستور للترشح لولاية ثالثة، متكلاً على ارتفاع شعبيته بعد عملية الإفراج المثيرة عن إنغريد بيتانكور وعدد من رفاقها في شهر تموز الماضي، محاولة صعبة لم يرتسم لها النجاح بعد، نظراً للأحداث التي صبغت الأشهر الماضية، من فضائح مالية وقضائية تحوم حول الحكومة، وانتخاب باراك أوباما، وطموحات حلفاء أوريبي في خلافته.
أما بالنسبة إلى مسألة المفاوضات مع «الفارك»، فبعد الغارة التي اغتالت المفاوض باسمها راوول ريس، ووفاة مؤسسها، والإنزال «المخابراتي» الذي أفرج عن «أثمن» رهائنها، بيتانكور، قضى أوريبي على أي إمكان تفاوض مع الفارك «المهزومة» ووضعها أمام خيار واحد، الاستسلام.