أرنست خوريكثر كانت فرحتهم كبيرة عند انتخاب باراك أوباما رئيساً للولايات المتحدة. ولكلّ منهم أسبابه. أبرز الممتعضين كانوا الأتراك، أو بالتحديد الأتراك الرافضين للمصالحة مع تاريخ سلطنتهم العثمانية، وخصوصاً في ما يتعلق بـ«إبادة» الأرمن في عام 1915.
ومعروف مدى التعاطف التاريخي الذي يبديه «ديموقراطيّو» أميركا مع الأرمن. وأكثر منه، المكانة القوية التي يحتلّها اللوبي الأرمني ـــــ الأميركي في مصنع قرارات السياسات الخارجية للإدارات الأميركية تاريخياً. وطوال الحملة الانتخابية الأميركية، سكن هذا الهاجس صحف تركيا وأحزابها قاطبة. وإذا كان البعض قد عوّل على دبلوماسية أوباما ومرونته في التعاطي مع الملفات الإشكالية، فإنّ نبأ تعيين جو بادين نائباً له، كان له فعل الصاعقة بالنسبة إلى شوفينيّي تركيا، وحتى لحكومتها الإسلامية المعتدلة، التي تحاول حلّ المعضلة بأساليبها، على قاعدة تحاشي اعتراف صريح بـ«الإبادة»؛ فبايدن نفسه، أحد الأميركيين الأكثر حماسة للوم تركيا، والأكثر قرباً من جماعات الضغط الأرمنية.
وبعد أسابيع على أداء أوباما قسَمه، تحرك الأرمن الأميركيون. فقد قدّمت «اللجنة الوطنية الأرمنية في أميركا»، أكبر جماعات الضغط الأرمنية في البلاد، طلباً إلى مجلس النواب الأميركي أمس، لإقرار مشروع قانون قديم، وضعته إدارة جورج بوش في الأدراج، يحمّل تركيا مسؤولية «الإبادة».
وجاء في بيان أصدرته «اللجنة»، أنه «في ظل إدارة أوباما ـــــ بايدن ومجلس الشيوخ الجديد، لدينا فرصة تاريخية لإرغام تركيا على الاعتراف بالإبادة الأرمنية». وبحسب صحيفة «حرييت»، فإنّ القانون يملك فرصاً ذهبية ليقرّ «قريباً»، بمشروع سيقدّمه النائبان المتحمّسان للأرمن من ولاية كاليفورنيا، أدام شيف (ديموقراطي)، وجورج ردانوفيتش (جمهوري).
ولولاية كاليفورنيا بالنسبة إلى أرمن أميركا، قيمة خاصّة، إذ يعيش فيها نحو مليون ونصف مليون أرمني، طلبت منهم منظّمات اللوبي الأرمني تكثيف الضغوط على أوباما شخصياً، من خلال بعث رسائل شخصية له، تطالبه بالإيفاء بأحد تعهّداته الانتخابيّة.
وأمام الأمل الكبير بتحقيق هدفهم، لا يزال الأرمن والمناصرون لقضيتهم في المؤسسة الحاكمة في أميركا يتخوّفون من أن تحول حسابات التحالف الاستراتيجي مع تركيا، دون نيل القانون المنتظر موافقة السلطة التنفيذية، بحسب اعتراف نائب رئيس لجنة أرمينيا ـــــ القوقاز في مجلس النواب الأميركي، مارك كيرك.