يبقى مصير الاستفتاء غامضاً في فنزويلا، حيث لم يستطع أي من الطرفين استمالة أصوات المترددين إلى ناحيته، في وقت غيّر الرئيس هوغو تشافيز في استراتيجيته، من خلال شن حملة على المشاغبين «إلى أي فئة انتموا»، غاضاً النظر عن أنصار الـ«لا»
بول الأشقر
أيام قليلة تفصل عن موعد الاستفتاء على تعديل الدستور في فنزويلا، المقرّر الأحد، من أجل إعطاء الحق لكل من يشغل مناصب تنفيذية بإعادة الترشح حتى بعد ولايتين متتاليتين. ويتجهز معسكرا الـ«نعم» والـ«لا» بآخر التجمعات الجماهيرية، لحث أنصارهما المترددين، الذين قد تكون لهم كلمة الفصل في مصير استحقاق لا تزال نتائجه غير محسومة.
وإذا فاز الـ«نعم»، فسيعطى الحق للرئيس هوغو تشافيز بالترشح مرة ثالثة للرئاسة في عام 2013، وإذا فاز الـ«لا» فسيبقى تشافيز رئيساً أربع سنوات إضافية حتى انتهاء ولايته الثانية.
ويمثّل هذا الاستفتاء جولة جديدة في «الكباش» القائم بين تشافيز ومعارضته، منذ أن نجحت هذه الأخيرة بفارق ضئيل نهاية عام 2007 في ردّ مشروع دستور جديد، كان يتضمن التعديل نفسه الذي سيعاد طرحه على الناخبين الأحد المقبل.
ولذلك، اعتمدت المعارضة شعار «لا يعني لا»، لتؤكد من خلاله أن الشعب سبق أن أجاب عن هذا السؤال. في المقابل، يحاول تشافيز تمرير التعديل كأداة تنفيذية لضمان استمرار إنجازات الثورة، التي احتفلت قبل أيام بعيدها العاشر.
وككل مرة في هذا البلد، تتهم المعارضة تشافيز سلفاً بأنه سيزوّر النتيجة، وهو يتهمهم بالتجهيز لخطة بديلة للانقضاض عليه. كلام للاستهلاك الداخلي لأن الاحتمالين، التزوير والانقضاض، غير واردين.
وأيضاً ككل مرة، تتحول وسائل الإعلام إلى أدوات «سياسية»، كما حصل لدى تغطية تظاهرة المعارضة السبت الماضي في شوارع كاراكاس، التي ضمت عشرات الآلاف، ورأت فيها وسائل الإعلام الموالية ألفي متظاهر، فيما وصل العدد في الصحف المعارضة إلى مليون.
وتحوّل «عقد تشافيز»، أي عشر سنوات على حكمه، حجة في الصراع الانتخابي بين «العقد الضائع، الذي أساء إلى كل الفنزويليين، بمن فيهم الفقراء» كما تقول جريدة «تال كوال» المعارضة، وبين «العقد الذهبي الذي استفاد منه جميعهم بمن فيهم الأغنياء»، كما قال وزير الإعلام جيسي شاكون.
وأكثر من أي مرة، حلّ العنف حجة لكسب أصوات المترددين، فحاولت المعارضة تحميل تشافيز مسؤولية الهجوم الذي حصل على كنيس كاراكاس، بعدما قطع تشافيز علاقات فنزويلا مع إسرائيل. ونجحت الشرطة في اعتقال المجرمين، وتبيّن أنهم من جهاز الأمن السابق للحاخام مع حرس الكنيس الحالي. وأعلن تشافيز أن المنفذين «كانوا ينوون إشعال الحرب الدينية في فنزويلا». وأيضاً تتهم الحكومة المعارضة بحرق حديقة عامة وبقطع الطرق قبل عشرة أيام.
ومن جهة ثانية، أشاد تشافيز بالتعاون «النموذجي» بين الطلاب ووزارة الداخلية، لتنظيم تظاهرة السبت الماضي. ويقول أحد زعماء الطلاب، ستالين غونزاليس، إن تشافيز اتصل به ليهنئه على التعاون، مضيفاً «أمسكوا المشاغبين في صفوفكم وأنا أمسك المشاغبين لدي».
وفي اليوم التالي، أمر تشافيز، الذي قرر في هذه الحملة بعكس عادته عدم التصعيد ضد أخصامه، باعتقال أحد زعماء مجموعة «لا بييدريتا»، أي البحصة، فالنتان سانتانا، في حي «الثالث والعشرين من كانون الثاني»، وهو أحد معاقل التشافيزية في الأحياء الفقيرة.
وكان سانتانا، الذي يصف نفسه بأنه «الثوري الراديكالي»، قام بعمليات ضد الصحف والمؤسسات المعادية للثورة. وقد وصف تشافيز المجموعة بـ«الثورية المزيفة»، مؤكداً أنه لن يتسامح مع «العنفيين، إلى أي فئة انتموا»، واضعاً نفسه في دور ضامن الاستقرار والسلم الأهلي.