اقترع الفنزويليون، أمس، للتعديل الدستوري الذي يسمح للرئيس هوغو تشافيز بالبقاء في الحكم ما دام يفوز في الانتخابات؛ وإذا صدقت الاستطلاعات فإن تشافيز سيحقق غايته
بول الأشقر
توجّه نحو 17 مليون فنزويلي إلى صناديق الاقتراع، أمس، من أجل التصويت على رفع القيود عن ولاية «كل من يشغل منصب تنفيذي»، وفي المقدّمة رئيس البلاد، إذ سيسمح له بالترشح لولايات أخرى بعد إتمام ولايتين متتاليتين، وهو ما يمنعه الدستور الحالي.
وانطلقت عملية الاقتراع في الساعة السادسة صباحاً، وأُقفلت الصناديق في السادسة مساءً (بحسب التوقيت المحلي في فنزويلا) وفق توقعات بأن تكون نسبة المشاركة مرتفعة. ويتفق المراقبون على أن النتيجة قد تتوقف على نسبة المشاركة. وقد أعطى آخر استطلاع رأي لمؤسسة «داتا أناليزيس» أنصار الـ «نعم» 51،5 في المئة من الأصوات وأنصار الـ «لا» 48،5 في المئة.
ومع إجراء الاستفتاء في مطلع الأسبوع الذي يحتفل فيه العالم بعيد الحب، خاطب تشافيز في حملته الانتخابية مشاعر الناخبين، فقالت لافتاته الدعائية إنّ السبب الأول الذي يدفع الناخبين للتصويت «بنعم» هو أن «تشافيز يحبنا والحب يقابل بالحب»، مضيفة إن السبب الثاني هو أنّ «تشافيز لا يمكنه إلحاق الضرر بنا».
وأعرب الرئيس الفنزويلي عن «ثقته بنتيجة الاستفتاء». وقال «شاركت في الحملة ونزلت إلى الشارع. ثقتي بالنصر أكبر مما كانت عليه في الأول من كانون الأول 2007»، في إشارة إلى التصويت السابق الذي رفض فيه الناخبون التعديل. وأضاف إن «الحكومة ستتعزّز إذا أُقرّ التعديل، لتواصل ثورتها البوليفارية»، مشيراً إلى أنّ «هذا الأمر سيعطيها آفاقاً وسيقلّص الفوضى السياسية وهذا بالتحديد ما لا تريده المعارضة: هي تسعى لإبقاء البلاد في الفوضى».
في المقابل، رفعت حملة المعارضة شعار «لا تعني لا» في إشارة إلى جهود تشافيز الفاشلة عام 2007 لتعديل الدستور. وقال رئيس بلدية كراكاس، زعيم المعارضة، أنطونيو ليديزما، بعدما أدلى بصوته في العاصمة، كاراكاس، «الناس يريدون السلام ولا يريدون المواجهة بعد الآن».
وقد نال تشافيز 7 ملايين ونصف مليون صوت خلال الانتخابات الرئاسية في نهاية 2006. وبعد عام لم ينل إلا 4 ملايين ونصف مليون في التصويت على التعديل الدستوري. ولم تزد للمناسبة أصوات المعارضة أكثر من مئة ألف صوت لأن أنصار تشافيز لا يقترعون عادة للمعارضة، بل يقاطعون. منذ ذاك اليوم، يبحث تشافيز عن ثلاثة ملايين «مفقود» سياسي، أسبابهم مختلفة: فيهم الواثقون الذين لا يقترعون من كثرة ثقتهم، وفيهم المبتعدون، إما بسبب بطء التغييرات الثورية أو لتغرّبهم المتزايد مع المنحى التشافيزي.
ويلخص مدير شركة «داتا أناليزيس»، لويس فيسنتي ليون، هذا المأزق فيقول «تشافيز أكثر شعبية بما لا يقاس من المعارضة مجتمعة، لكنّه أيضاً أكثر شعبية بما لا يقاس من أفكاره وممثليه. قبل سنتين، كان الاستقطاب بينه وبين الآخرين يساوي 60-40 لمصلحته. بعد سنتين، صار الاستقطاب بين أفكاره وأفكار المعارضة يميل ليكون أقرب إلى 50-50».
من جهتها، رصدت دراسة من جامعة كاراكاس أداء وسائل الإعلام الفنزويلية، وأشارت إلى أنّ هذه الوسائل، الموالية والمعارضة، لم تقدّم إلى الناخب صورة متوازنة عن مواقف المعسكرين، واكتفت بالتحيّز لطرف على حساب الطرف الآخر بنسبة تخطت الـ 90 في المئة للتحقيقات التي تدافع عن وجهة نظرها مقابل 5 أو 10 في المئة للتحقيقات المحايدة و5 في المئة في أحسن الأحوال للرأي الآخر.
وقد عكر يوم الاقتراع حادث طرد النائب الإسباني الأوروبي، لويس هيريرو، الذي كان عضواً في فرق المراقبة الدولية، ووصف النظام الفنزويلي بالـ«ديكتاتوري»، ورأى أنّ اللجنة المشرفة على الانتخابات «منحازة». بناءً عليه طلبت اللجنة طرد النائب إلى سان باولو في البرازيل، حيث قال إنّه «شعر كأنّه أُخضع لعملية خطف»، وتمنى أن يفوز «معسكر الحرية».
أما الرئيس تشافيز، فوصف النائب بالـ«جلف والذليل» لأنّه «لم يحترم البلد الذي استقبله ولا مؤسساته واعتمد تصرّفاً استفزازياً عن قصد لخلق البلبلة»، متمنياً ألا يؤثر هذا «الحادث الصغير في علاقات فنزويلا الطيبة بشعب إسبانيا وحكومتها».
وهناك نزاع قديم بين تشافيز والحزب الشعبي الإسباني، الذي كان يتزعمه رئيس الحكومة السابق، خوسيه ماريا أثنار الذي أيّد الانقلاب الذي أطاح تشافيز لساعات معدودة عام 2002.
وتحدث الزعيم الكوبي، فيديل كاسترو، حليف تشافيز، عن الاستفتاء في مقاله الأخير، وتمنى أن يكون «الشعب الفنزويلي بمستوى الجهد الذهني والبدني الذي قام به الرئيس تشافيز خلال الأسابيع الأخيرة»، مشيراً إلى أن «الاستفتاء الفنزويلي يمثل محطة في غاية الأهمية لمصير الثورة الكوبية ولمجمل المسار التقدّمي في أميركا اللاتينية».