تعرّض الجيش الأوكراني لنكسة خطيرة، أمس، مع خسارة مطار دونيتسك الذي سيطر عليه الانفصاليون الموالون لروسيا، فيما تكثّفت مؤشرات تصعيد كبير في المعارك مع سقوط 41 قتيلاً، خلال 24 ساعة، وهي الحصيلة الأكثر دموية منذ أيلول. فالدعوة إلى وقف إطلاق التي أطلقها، مساء الأربعاء، وزراء خارجية ألمانيا وروسيا وفرنسا من برلين لم تلقَ أصداءً في أوكرانيا التي غرقت مجدداً في دوامة العنف.ميدانياً، اضطرت سلطات كييف إلى ترك مطار دونيتسك للانفصاليين، خصوصاً أن هذا الموقع الاستراتيجي كان محور معارك بين الانفصاليين والجنود منذ أيار، لكن جنود كييف انسحبوا منه، مساء الأربعاء. ورغم أنهم لا يزالون يهاجمون الانفصاليين، أصبحوا خارج حرم المطار.

الأثر النفسي يمكن أن يكون ثقيلاً على القوات المسلّحة الأوكرانية التي سبق أن خسرت مطار لوغانسك، أبرز مدينة في المنطقة المجاورة لدونيتسك، فيما كانت أولويتهم الحفاظ على مطار دونيتسك عند مداخل أبرز معقل الانفصاليين.
وقد شنّ الانفصاليون هجوماً واسع النطاق ضد المطار في 15 كانون الثاني، في محاولة للسيطرة على مواقع كان يدافع عنها الجنود الأوكرانيون. وأعلن الجيش الأوكراني، الأحد، أنه صدّ هذا الهجوم بفضل تعزيزات بالدبابات.
وقال مستشار الرئيس بترو بوروشينكو، يوري بيريوكوف، على موقع «فايسبوك»: «لقد فشلنا في الاحتفاظ ببقايا القسم الجديد من المدرج على مدى ستة أيام».
وفي موازاة ذلك، شهد شرق أوكرانيا، في الساعات الـ24 الماضية، أحد الأيام الأكثر دموية منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في مطلع أيلول في مينسك بين الأطراف المتحاربة، فقد قتل 41 جندياً ومدنياً أوكرانيين في الساعات الـ24 الماضية في مناطق دونيتسك ولوغانسك، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة «فرانس برس»، استناداً إلى محصلات رسمية للجيش الأوكراني والسلطات الانفصالية. ولكن الهجوم الأعنف كان في حي في دونيتسك، كان بمنأى حتى الآن عن النيران، حيث قتل 13 مدنياً بقذائف هاون سقطت على ترامواي، بحسب أجهزة الإسعاف المحلية.
وقتل عشرة أشخاص أيضاً في غورليفكا في منطقة دونيتسك، بحسب قائد انفصالي يدعى إدوارد باسورين. وأعلن الجيش الأوكراني مقتل عشرة من جنوده في شرق البلاد. وفي منطقة لوغانسك قتل أيضاً ثمانية أشخاص بحسب شرطة هذه المنطقة الانفصالية.
والهجوم على الترامواي في دونيتسك يعتبر الأكثر دموية من حيث الضحايا المدنيين، منذ توقيع اتفاقات السلام في دونيتسك. ويأتي بعد ثمانية أيام على مقتل 12 مدنياً في قصف على حافلة في فولنوفاكا على بعد 35 كلم جنوب دونيتسك.
وسارعت الحكومة الأوكرانية إلى اتهام الانفصاليين بالوقوف وراء القصف وتحميل روسيا «المسؤولية»، بحسب ما قال رئيس الوزراء الأوكراني، ارسيني ياتسينيوك. كذلك أكد وزير الدفاع بافلو كلميكن أن القصف جاء من جهة الانفصاليين.
من جهتها، اتهمت روسيا القوات الأوكرانية بأنها تقف وراء قصف الترامواي. وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في بيان: «نعتبر هذا الحادث بمثابة جريمة ضد الإنسانية، استفزاز فاضح لنسف عملية السلام المتعلقة بالأزمة الأوكرانية»، متهماً «القوات الأوكرانية» بالوقوف وراء ذلك.
ووصف لافروف مقتل المدنيين الـ13 بأنه «جريمة بشعة». وقال: «نطالب بتحقيق فوري حول الجرائم التي ترتكب في دونيتسك بمشاركة ممثلين عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا»، بهدف «منع سقوط ضحايا بشكل عبثي في صفوف المدنيين».
إلى ذلك، أعلن متحدث باسم «منظمة الأمن والتعاون في أوروبا»، أن خمسة آلاف شخص على الأقل قتلوا، منذ بدء النزاع في نيسان، وأصيب عشرة آلاف بجروح. وقال المتحدث باسم المنظمة، مايكل بورسيوركيف، للإذاعة الأوكرانية، إن أكثر من عشرة آلاف شخص أصيبوا بجروح أيضاً بسبب القصف اليومي بالصواريخ وقذائف الهاون على مناطق سكنية في الشرق الصناعي، مضيفاً أن «الوضع يتفاقم فعلياً ونشهد سقوط عدد متزايد من الضحايا المدنيين، وهو كبير جداً».
وفي بروكسل، أعلن القائد الأعلى لحلف شمال الأطلسي، الجنرال الأميركي فيليب بريدلاف، أن المعارك في أوكرانيا تكثفت وعادت إلى مستوى ما قبل وقف إطلاق النار الذي أبرم خلال اتفاقات مينسك.
(الأخبار، أ ف ب)