المنظّمات التابعة لإسرائيل تضغط لتوفير «تعاطف مع اليهود»بسام القنطار
في 20 نيسان المقبل ستكون جنيف على موعد مع مؤتمر «مراجعة عملية ديربن» لمناهضة العنصرية الذي تنظّمه الأمم المتحدة، بعد مرور ثماني سنوات على انعقاد مؤتمر ديربن في جنوب أفريقيا.
ويهدف مؤتمر «مراجعة عملية ديربن»، وهو الاسم غير الرسمي للمؤتمر الثاني لمناهضة العنصرية، إلى مراجعة التقدم الذي أحرزه الموقّعون على إعلان عمل ديربن وبرنامجه وتقويم مظاهر العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وعدم التسامح مع تحديد الإجراءات الملموسة المضادة والرامية إلى اجتثاث هذه المظاهر.
ومن المتوقع أن يكون هذا المؤتمر مناسبة هادئة وباردة، تشبه مناخ المدينة السويسرية، على عكس الأجواء المحمومة والجدل الواسع الذي عكسه انعقاد المؤتمر في ديربن، والذي شكّل حينها تظاهرة حقيقية لكل شعوب الجنوب التي تعرضت للتمييز العنصري.
مكمن الهدوء في هذا المؤتمر أن الحماسة التي شهدتها جنوب أفريقيا في عام 2001، وخصوصاً من المنظمات غير الحكومية وتمّ التعبير عنها عبر منتديات وتظاهرات على هامش المؤتمر، لم تعد هي نفسها، إضافة إلى أن الظروف السياسية والأمنية منذ ذلك الوقت تغيّرت كثيراً. فأحداث الحادي عشر من أيلول جاءت بعد أقل من شهر على انعقاد المؤتمر وعطلت الكثير من مفاعيله، وخصوصاً في ما يتعلق بالإدانة الواسعة لإسرائيل، التي أبدت انزعاجاً عبّرت عنه سفيرتها آنذاك في جنوب أفريقيا، توفا هرتسل، حين قالت إن المؤتمر «تحوّل إلى علامة فارقة في الجهود الساعية إلى نزع الشرعية عن إسرائيل». ويثير «المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصّب» الكثير من القضايا الخلافية التي تتمثل بالجدل الدائر بين بلدان الشمال والجنوب في شأن تجارة الرقيق، وطلب الحصول على تعويضات من قبل بلدان أفريقية أو الجاليات السوداء، وخصوصاً السود الأميركيين. وتثير موضوعات أخرى الجدل أيضاً، ومنها مصير طبقة المنبوذين الدالي في الهند والغجر في أوروبا والشعوب الأصلية في العالم.
إلا أن الموضوع الأكثر جدلاً وحساسية هو تحوّل مؤتمر ديربن إلى مناسبة لإدانة الصهيونية وتشبيه النظام الإسرائيلي بنظام الفصل العنصري الذي كان سائداً في جنوب أفريقيا. وقد حضر المؤتمر في حينها الزعيم الكوبي فيديل كاسترو والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وعدد آخر من زعماء دول الجنوب، فيما امتنعت البلدان الأكثر ثراءً عن التمثيل بوفود على أعلى المستويات، إذ لم تعلن مشاركة أي رئيس دولة من بلدان الشمال.
وإلى الآن ليس واضحاً مدى مشاركة دول الشمال في مؤتمر جنيف، لكن إعلان إسرائيل المبكر مقاطعة أعمال المؤتمر شكّل إنذاراً قوياً لجهة الابتزاز الذي ستقوم به ضد أي دولة مشاركة، ومحاولة مبكرة للقول إن ما جرى في ديربن سيتكرر في جنيف، علماً بأن الأجواء التحضيرية للمؤتمر لا توحي بأن جنيف ستشبه ديربن بأي شيء، لا من جهة الإعلان النهائي الذي سيصدر أو لجهة الأجواء الشعبية والتظاهرات.
ويشير أحمد السويسي، مدير منظمة «شمال جنوب 21»، التي تتخذ من جنيف مقراً لها، إلى أنه «رغم الإعلان الرسمي الإسرائيلي بمقاطعة المؤتمر، فإن الجهود التي تبذلها المنظمات غير الحكومية التابعة لإسرائيل، لجعل المؤتمر مناسبة للتعاطف مع اليهود والقول إنهم يتعرضون للإرهاب الفلسطيني، جارية على قدم وساق». وأضاف السويسي «لقد تعرّضت منظمتنا، التي يرأسها الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلا، إلى حملة عنيفة من قبل مركز سيمون ويزنتال الصهيوني ومنظمة مراقبة الأمم المتحدة على خلفية مطالبتنا بانعقاد مؤتمر رديف للمنظمات غير الحكومية على هامش مؤتمر جنيف، على غرار ما حصل في ديربن عام 2001. باختصار كل من يقول عاشت فلسطين يجب أن يخرس، هذه هي المعادلة الجديدة التي يعملون على تثبيتها». وأوضح «يعكس هذا السلوك النزق غير المسبوق، ضد منظمتنا، مدى الانزعاج الذي يسبّبه مجرد ذكر كلمة ديربن على الألسن. ولكن للأسف كل ما أنجز في ديربن سيتحطم في جنيف لأن الصوت العربي لن يكون مسموعاً بقوة، الجميع تراخى ولم يعد مبالياً، وخصوصاً منظمات حقوق الإنسان العربية، والتي هي بغالبيتها صورة مصغرة عن الحكومات العربية الصامتة تجاه ما يجري في فلسطين».
بدوره، توقّع الناشط المصري، يسري مصطفى، العضو في لجنة التنسيق العربية في مؤتمر ديربن 2001، أن تكون المشاركة العربية الحكومية وغير الحكومية في مؤتمر جنيف ضعيفة. ورأى «أن المشكلة تكمن في أنه لم يجر تقويم جادّ لطبيعة هذه المشاركة أو المسار الخاص بمناهضة العنصرية، فيما نجحت المنظمات الصهيونية في التقليل من قدر التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية». وأضاف «يجب ألا ننسى أن 11 أيلول كان له بالغ الأثر على نتائج ديربن وفي مقدّمها صورة العرب والمسلمين ومسألة مساواة العنصرية بالصهيونية».
ويوافق مدير «شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية»، زياد عبد الصمد، على ما قاله مصطفى، لكنه يشير «إلى أن العدوان الإسرائيلي على غزة قد يساهم في رفع التمثيل العربي في جنيف، لكن إذا بقي الوضع على حاله، فسيكون لهذا الأمر الأثر السلبي ليس فقط على القضية الفلسطينية ولكن على صورة حقوق الإنسان عموماً». وأضاف «على المنظمات العربية غير الحكومية أن تسعى إلى المشاركة ولكن من منظور مختلف يذهب أبعد من عنصرية إسرائيل ويناقش أشكال العنصرية الممارسة داخل الدول العربية نفسها. والأهم أن يعي العرب ضرورة تضامنهم مع قضايا الشعوب الأخرى، وفي مقدمها الدول الأفريقية واللاتينية والآسيوية».


إدارة أوباما تبحث جدوى المشاركة

واشنطن ــ محمد سعيدوكانت الولايات المتحدة قد شاركت في الاجتماع التحضيري الخاص بالمؤتمر في جنيف في الفترة من 16 إلى 19 شباط الجاري. وأشار دوغيد إلى أن واشنطن لم تتخذ بعد قراراً بشأن مشاركتها في المؤتمر أو بشأن ما إذا كانت ستشارك في أي تحضيرات مستقبلية له. وقال إن «العمل الذى أنجز خلال الأيام الماضية سيوفر معلومات مهمة لاتخاذ هذه القرارات».