بول الأشقراحتفل الرئيس الكوبي، راوول كاسترو، أمس، بمرور سنة على تسلمه السلطة رسمياً في كوبا. وتميزت فترة وجوده على رأس الدولة والحكومة بإصلاحات بنيوية وتغييرات في المفاهيم، لطّفها بحكم الواقعية، أو كما يسميها «الواقعية التي تفرض تطابق الأحلام بالواقع»، مؤجلاً بالتالي التغييرات الجوهرية إلى مؤتمر الحزب الشيوعي السادس المنويّ عقده في نهاية السنة الجارية.
وتركزت التغييرات السياسية لـ«كاسترو الصغير»، الموجود في مركز القرار منذ مرض شقيقه الأكبر فيديل قبل سنتين، على إعادة تنظيم هرمية الحكم، بحيث انتظمت قيادة سباعية ذات مهام محددة، حلت مكان «اللجنة المصغرة» التي كانت تحيط بفيديل. في المقابل، تراجع ظهور أناس مثل كارلوس لاخي، الذي كان يعمل رئيس وزراء أيام فيديل، ووزير الخارجية بيريز لوكي، لتقلص اللجان المتخصصة، التي كان يوكلها فيديل إليهما.
لكن بقي صعود الجيل الجديد مؤجلاً حتى المؤتمر المقبل، وهو مهمة غير قابلة للتأجيل بسبب الاستنفاد الجيلي، الذي اقترب موعد استحقاق فاتورته. أيضاً، أجرى راوول تعديلات في البنية العسكرية، فاتحاً الطريق لصعود جيل الجنرالات بنجمتين، بعد عقود من احتكار الجنرالات بثلاث نجوم القيادة.
أخيراً، حصلت تغييرات في الشكل تناسب أكثر طبع راوول المحتشم وضرورة المأسسة، فأصبحت الخطابات الرسمية أقصر، وتقلص اللجوء إلى الاحتفالات الشعبية الضخمة لمصلحة «مناقشة القرارات وتبريرها»، ما جعل الخطاب الرسمي أكثر رمادية
أما على الصعيد الاقتصادي، أبعد من تحرير الأدوات الاستهلاكية التي أثارت اهتمام الإعلام العالمي، فينكب راوول على تحفيز الإنتاجية ورفعها لكونها شرطاً ضرورياً للمضي بالإصلاحات، وهو يعيد تنظيم قطاع الطاقة الكهربائية، بواسطة شركة مختلطة كوبية ـــــ روسية، وقطاع النقل الاستراتيجي. ووضع قانون جديد للأجور حرر السقوف حسب الإنتاجية، لكن تأخر تنفيذه بسبب الإعصارات، التي تعاقبت على الجزيرة بقسوة هذه السنة.
إلا أن التغيير المحوري جرى على الصعيد الزراعي، حيث يريد راوول التصدي لتخلّف الزراعة البنيوي ورفع عملية إنتاج الأغذية إلى «أولوية سيادية وحتى دفاعية». لذلك، أقر مبدأ توزيع أراضي الدولة غير المستغلة أو ذات الإنتاجية المتدنية إلى القطاع الخاص، إضافة إلى توسيع لامركزية القرار. إلا أن العادات البيروقراطية، وأيضاً الكوارث الطبيعية والأزمة العالمية، أدت إلى إبطاء هذه التغييرات وإعادة فرض رقابة على أسعار المواد الغذائية.
وبناءً على كل ما ورد، يبقى من المبكّر تقدير ما إذا كانت كل هذه المسوّدات هي مقبلات ستفتح الطريق أمام تغييرات أعمق، أو أنها ستقتصر على تعديلات آنية، كما حصل في فترة الانفتاح في التسعينيات. الجواب الذي يكمن أحد عناصره في ما هو حاصل في علاقات كوبا الدولية، وفي مقدمتها تلك التي تربطها بالولايات المتحدة.