رغبة روسيّة بالاستثمار في اليمن ونيّة لإسقاط 80% من الديون المستحقة عليهموسكو ــ حبيب فوعاني
وصل الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، أمس إلى موسكو على رأس وفد عسكري واقتصادي، في زيارة هي الخامسة له منذ تولّيه السلطة، تلبيةً للدعوة الرسمية الموجّهة إليه من الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، الذي سيلتقيه اليوم.
وأعلن صالح، أمام الصحافيين فور وصوله إلى المطار، دعم اليمن «التوجهات الروسية لعقد مؤتمر دولي للسلام في موسكو»، ثم توجه إلى مقر رئاسة الحكومة الروسية، حيث عقد اجتماعاً مع رئيس الوزراء، فلاديمير بوتين، جرى خلاله بحث العلاقات الثنائية ومجالات التعاون المشترك بين البلدين، بالإضافة إلى التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وبعد اللقاء، أعلن صالح أن بلاده «تعوّل على توسيع التعاون مع روسيا في مجالات التعاون العسكري والتجاري والطاقة». أما بوتين، فقد نوّه بعلاقات الصداقة بين البلدين، وأشار إلى رغبة الشركات الروسية للعمل والاستثمار في اليمن، مشدداً على أن «بنية التبادل التجاري تحتاج إلى تحسين»، بسبب انخفاض حجم التبادل التجاري في السنوات الأخيرة بين البلدين.
وكانت مصادر السفارة اليمنية في موسكو قد ذكرت أن جدول أعمال المباحثات سيتضمّن أيضاً الطلب من الجانب الروسي خفض الديون اليمنية. وقد أسقطت روسيا، في إطار نادي باريس في تشرين الثاني عام 1997، ثمانين في المئة منها وهي بلغت في نهاية العام الماضي 1.225 مليار دولار. وذكرت مصادر يمنية لـ«الأخبار» أن موسكو ستلبّي طلب صنعاء وتشطب مجدداً 80 في المئة من الديون الباقية.
كذلك، يحاول الجانب اليمني الاستفادة من الزيارة لجذب المستثمرين الروس، للاستثمار في النفط والغاز والزراعة والأسماك والسياحة والمنطقة الحرة في عدن، وخصوصاً أن نطاق التعاون بين البلدين في هذه المجالات لم يتعدّ توقيع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة، وتوقيع اتفاقية بشأن إقامة مجلس الأعمال الروسي اليمني عام 2005 بفضل جهود رئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية يفغيني بريماكوف.
أما على الجانب الروسي، فقد وقفت البيروقراطية حائلاً أمام رغبة رئيس شركة السكك الحديد الروسية، فلاديمير ياكونين، في الاستثمار في المنطقة الحرة في «عدنقد». كذلك فإنه وفقاً لما ذكره مسؤول في عملاق النفط الروسي «لوك أويل»، لـ «الأخبار»، فإن محاولات الشركة الدخول إلى مجال التنقيب عن النفط واستخراجه وتطوير حقوله في اليمن، لم تلقَ منذ عام 2004 نجاحاً ملحوظاً.
وفي ما يتعلق بأسباب تأخر الزيارة، ذكرت مصادر دبلوماسية لـ «الأخبار» أن الرئيس اليمني كان يودّ زيارة موسكو في تشرين الأول الماضي في إطار الجهود التي بذلها اليمن «لتطويق مخطط أميركي ـــــ أوروبي لتدويل البحر الأحمر»، وكذلك التعرف إلى الرئيس الروسي الجديد، غير أن الرغبة اليمنية قوبلت بفتور روسي في حينه، «لأن القيادة اليمنية فتحت خطاً عريضاً باتجاه واشنطن في العام الماضي». وترافق مع ترويج وسائل الإعلام الغربية عن نية الولايات المتحدة إنشاء قاعدة بحرية في جزيرة سقطرة اليمنية، ما أثّر على تواصل روسيا مع صنعاء، التي كان يعدّها الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين «شريكاً موثوقاً ومهماً في المنطقة».
وقابلت روسيا الإعلان الأميركي في حينه بتسريب مصادر في وزارة الدفاع الروسية أنباء عن نية موسكو أيضاً إنشاء قاعدة في هذه الجزيرة الاستراتيجية، كذلك ظهرت أنباء عن نية روسية إنشاء قاعدة في ميناء الحديدة. وهو ما رآه مراقبون بداية سباق على النفوذ في جنوب شبه الجزيرة العربية.
وحاولت القيادة اليمنية، التي تقوم منذ وقت طويل بموازنة ذكية لعلاقاتها مع الغرب من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى تدارك الاستياء الروسي، وخصوصاً أن العلاقات السوفياتية ـــــ الروسية ـــــ واليمنية كانت دوماً علاقات صداقة، وأن اليمن يعتمد في تسليحه بشكل شبه كامل على روسيا.
وفي السياق، صرح مصدر موثوق لـ«الأخبار» أنه لإرضاء الروس، تقدم الجانب اليمني باقتراح لافتتاح قاعدة روسية في ميناء عدن، مكان تمركز القوات البحرية الروسية التقليدي، حيث كان للسوفيات محطة مراقبة ومستودع للصواريخ التكتيكية، وخزان ضخم للوقود ومساكن لـ 1500 عسكري، ولكن بعدما «استأذن» الأميركيين، ما أثار استياء موسكو أكثر.
إلا أنه على الرغم من ذلك، فإن التعاون العسكري استمر بين البلدين، إذ زار وفد عسكري يمني رفيع بصوره سرية جداً موسكو في نيسان الماضي لتوقيع صفقة سلاح كبرى مع الجانب الروسي، وزار مدينة «تولا»، حيث يوجد أضخم مصنع لسلاح المدرعات الروسية، وتم توقيع الصفقة هناك. وفي تموز الماضي، قام وزير الدفاع اليمني اللواء محمد ناصر أحمد بزيارة لروسيا، أجرى خلالها مباحثات مع عدد من المسؤولين الروس تتعلق بتعزيز مجالات التعاون العسكري بين البلدين.
وبموازاة ذلك، وعشية زيارة صالح إلى موسكو، استقبل رئيس هيئة الأركان العامة اليمنية، اللواء أحمد علي الأشول، في صنعاء قائد قوات مشاة البحرية في القيادة المركزية الأميركية الجنرال صموئيل هيلر، و«بحثا مجالات التعاون العسكري بين البلدين».

( سبأ)