يدير الرئيس الأميركي جورج بوش اليوم ظهره لمكتبه البيضاوي، مخلّفاً وراءه خيطاً طويلاً من آثار الفشل، السياسي والاقتصادي، الذي لم تشهد مثله البلاد منذ عام 1929
واشنطن ــ الأخبار
يغادر الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جورج بوش البيت الأبيض اليوم نهائياً، بعدما أمضى ثماني سنوات توّجت بأكبر كساد اقتصادي بعد الكساد العظيم عام 1929. أزمة أسهمت، إلى جانب توريط الجيش الأميركي في حربي العراق وأفغانستان، في تراجع شعبية الحزب الجمهوري لحساب الحزب الديموقراطي الخصم.
أمّا الكارثة الاقتصادية، فقد أسفرت حتى الآن عن تصاعد الدين العام ليصل إلى 11.3 تريليون دولار، بزيادة أكثر من 5 تريليونات في عهده، وانهيار العديد من المؤسسات المالية الكبرى، إلى جانب انهيار سوق العقارات وزيادة البطالة، التي وصلت في العام الماضي فقط إلى 2.5 مليون عاطل عن العمل.
الأسوأ من كل ذلك، أن بوش يختتم عهده بوقوع واحدة من أبشع المجازر المنهجية التي شهدتها البشرية في قطاع غزة، على يدي الحليف الأوثق لواشنطن، إسرائيل.
ولم يجد بوش، في خطابيه الوداعيين يومي الخميس والسبت الماضيين، رداً على كل الانتقادات التي وُجّهت لحكمه، سوى اعتراف بأنه «ارتكب بالفعل أخطاءً وأن العالم سيشهد يوم الثلاثاء مدى حيوية الديموقراطية الأميركية».
وللدلالة على سوء وضعه في آواخر ولايته، فإن حزب بوش الجمهوري ومرشّحيه لانتخابات الرئاسة الأميركية والكونغرس، سعوا إلى النأي بأنفسهم عنه، وعدم دعوته إلى حضور مؤتمر الحزب الجمهوري، الذي عقد في سانت بول في ولاية مينيسوتا في أيلول 2008، بالرغم من أنه الرئيس الدوري للحزب.
لقد احتلّ الهاجس الأمني، طوال سنوات حكمه الثماني، صدارة جدول أعماله، وهو ما أكده في كل خطبه ومقابلاته الأخيرة التي كرّسها للحديث عن «إنجازاته»، بأن الولايات المتحدة لن تشهد تكراراً لهجمات 11 أيلول وستكون آمنة، فيما بقي أسامة بن لادن طليقاً.
بوش، الذي ولد في نيوهيفن بولاية كونيكتيكيت في 6 تموز 1946، هو الرئيس الـ46 للولايات المتحدة، بينما كان من قبل حاكم ولاية تكساس (1995ـــــ2000). ويعتبر بوش الابن الأكبر لوالديه جورج هربرت وباربرا بوش. تخرّج من جامعة ييل المرموقة، التي قيل إن قبوله فيها كان نتيجة لنفوذ والده لا بسبب مؤهلاته «المتوسطة، على أحسن تقدير».
بوش، المتزوج من لورا ويلش منذ عام 1977، عمل في قطاع النفط، لكنّ معاصريه يقولون إنه لم يكن رجل أعمال ناجحاً. غير أنه في عام 1989، اشترى فريق «تكساس رانجيرز» للعبة البيسبول، وحقق ربحاً في ما بعد، من وراء بيع حصته في عام 1998، يقدّر بـ15 مليون دولار.
والغريب أن بوش فاز بحاكمية تكساس بعد أن فشل في الفوز بمقعد دائرته لمجلس النواب الأميركي في عام 1994.
وكان للصدفة دور في ترشيحه لانتخابات الرئاسة الأميركية، حيث كان المرشح الأصلي هو شقيقه جيب، لكن بسبب خسارته لانتخابات حاكمية ولاية فلوريدا وفوز بوش بحاكمية تكساس، اتفق الحزب الجمهوري على ترشيحه، ليفوز بقرار من المحكمة العليا، التي انقسمت على أساس حزبي لمصلحته ضد منافسه الديموقراطي ألبرت غور، بعدما شابت الانتخابات شبهة التزوير التي اتهمت بها أمينة ولاية فلوريدا، حيث كان جيب حاكماً.
وفي انتخابات عام 2004، فاز بوش على منافسه الديموقراطي جون كيري، بنسبة 50.7 في المئة، مقابل 48.3 في المئة. وقال منتقدون إن شبهة تزوير أيضاً ربما وقعت في ولاية أوهايو.
ولعلّ أكثر ما ميّز فترة رئاسة بوش هو إحاطته بمجموعة «المحافظين الجدد»، الذين هيمنوا على توجيه السياسة الخارجية للبيت الأبيض في عهده، وخصوصاً في ما يتعلق بمنطقة الحوض العربي الإسلامي.
يبقى أن الشعب الأميركي بغالبيته عبّر عن اعتقاده بأن فترة حكم بوش اتسمت بالفشل. وأشارت نتائج استطلاع للرأي أجرته شبكة التلفزيون الأميركية «سي إن إن» ونُشرت الأحد الماضي، إلى أن أكثر من ثلثي الأميركيين (68 في المئة) يعتقدون أن فترة حكم بوش كانت فاشلة، فيما يرى 32 في المئة أن فترة حكمه كانت «ناجحة». ويعتقد نحو 50 في المئة ممن شاركوا في الاستطلاع أن الولايات المتحدة ربما كانت أفضل حالاً اليوم لو انتُخب الديموقراطي آل غور رئيساً للبلاد بدلاً من جورج بوش في انتخابات عام 2000.