أحيت نيّة تعيين السيناتور الأميركي السابق جورج ميشتل، مبعوثاً خاصاً للشرق الأوسط، الآمال بوجود رغبة أميركية جدية في التوصل إلى سلام في المنطقة
جمانة فرحات
السيناتور الأميركي السابق جورج ميتشل، المتوقع تسميته موفداً للشرق الأوسط، معروف بأنه مفاوض ماهر. مارس مهماته في الشرق الأوسط وإيرلندا الشمالية، كما سبق له أن تقلّد العديد من المناصب في الإدارة الأميركية، وخصوصاً في عهد الرئيسين جورج بوش الأب وبيل كلينتون.
في منتصف تشرين الأول من عام 2000، تولّى ميتشل، بناءً على طلب من الرئيس كلينتون، رئاسة لجنة شرم الشيخ لبحث الأزمة المستمرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ليصدر تقريراً في أيار 2001، تضمن دعوات إلى الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لاتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تسهم في وضع حدّ للعنف. وقال في حينه «نؤمن إيماناً راسخاً بأن العنف بين الطرفين يجب أن يوضع له حد». ودعا إسرائيل إلى تجميد بناء المستوطنات الجديدة، ووقف إطلاق النار على المتظاهرين العزّل، كما دعا الفلسطينيين إلى منع الهجمات على إسرائيل ومعاقبة منفّذيها.
ومن المعروف أن ميتشل رعى محادثات السلام خلال النزاع في إيرلندا الشمالية. واستطاع بعد تعيينه في عام 1994 مستشاراً خاصاً للرئيس كلينتون للشؤون الاقتصادية في إيرلندا الشمالية، ومن خلال الثقة التي تمتّع بها لدى أطراف النزاع كافة، أن يسهم في التوصل إلى اتفاق سلام متعدد الأطراف يوم الجمعة العظيمة في 1998، ما جلب الاستقرار السياسي لإيرلندا الشمالية، وأسهم في إرساء أسس المصالحة بين الكاثوليك والبروتستانت بعد أكثر من ثلاثين عاماً من النزاع.
ولد جورج ميتشل في 20 آب 1933 في واترفيل، في ولاية ماين، لعائلة كاثوليكية متواضعة، من أب إيرلندي وأم لبنانية. ميتشل لا يزال يتذكر والدته التي قال إنها جعلته قريباً إلى وطنها الأم. ويقول عنها إنها بالكاد كانت تتحدث الإنكليزية. فقد تعلّم منها بعض الكلمات العربية، فهي كانت «تتحدث الإنكليزية بلغة مكسّرة».
وبعدما عمل لتمويل دراسته، حاز إجازة الحقوق من جامعة جورج تاون عام 1960، وبدأ حياته المهنية محامياً ومدّعياً عاماً وقاضياً. وتولّى منصب المساعد التنفيذي لعضو مجلس الشيوخ إدموند موسكي، الذي أصبح في ما بعد راعيه السياسي.
وتنقّل ميتشل في العديد من المناصب في الفترة الممتدة من عام 1970 إلى 1977، إلى أن عُيّن في منصب المدّعي العام لولاية ماين عام 1977، ثم عيّنه بعد عامين جيمي كارتر قاضي المحكمة الجزائية الأميركية.
وفي عام 1980، بدأت مسيرته في مجلس الشيوخ، عندما عيّن عضو مجلس الشيوخ عن ماين وزير دولة، واقترح أن يعيّن ميتشل مكانه لإكمال السنتين الباقيتين من ولايته. وشغل منصبه من عام 1980 لغاية 1995. وفي أواخر عام 1984، عُيّن رئيساً للحملة الانتخابية الديموقراطية لمجلس الشيوخ، وقاد حملة أسهمت في حصول الديموقراطيين على أحد عشر مقعداً، والسيطرة على الغالبية في مجلس الشيوخ. وفي عام 1987، عُيّن عضواً في لجنة التحقيق في صفقة «إيران كونترا»، وأسهم أداؤه في تسليط الأضواء عليه، مما ساعده على الفوز في منصب زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ من عام 1988 إلى 1994. واستطاع إمرار قانون لرعاية الأطفال، وبرنامج إعفاء ضريبي لذوي الدخل المنخفض. وقد جرى انتخابه مدة ست سنوات متتالية «العضو الأكثر احتراماً» من قبل المجلس.
وفي عام 1994، عندما أعلن نيّته عدم الترشح مجدداً لعضوية مجلس الشيوخ، رفض طلباً من الرئيس كلينتون لتولّي منصب رئيس المحكمة العليا الأميركية، لأنه أراد أن يركّز جهوده على إصلاح نظام الرعاية الصحية قبل انتهاء ولايته.
وبعد تقاعده من مجلس الشيوخ، تركزت نشاطات ميتشل في مجال السياسة الدولية، وعمل في العديد من مراكز الدراسات والأبحاث، فتولّى منصب مستشار جامعة كوينز في بلفاست، ورئيس نادي المجلس الاقتصادي في واشنطن. وشغل أيضاً منصب رئيس مجموعة الأزمات الدولية، وأصبح شريكاً في أحد مكاتب المحاماة وعضواً في مجالس إدارة العديد من المجموعات الكبرى، كمجلس إدارة والت ديزني. كما ترأس في 1999 لجنة تحقيق في فضيحة طاولت حصول مدينة سالت لايك سيتي على استضافة الألعاب الأولمبية الشتوية في 2002.
وللسيناتور ميتشل أربعة كتب تحمل عناوين: «قصة صريحة من جلسات استماع إيران كونترا» (1988)، و«العالم على النار: إنقاذ الأرض المهددة بالانقراض» (1991)، و«لا لأميركا وحدها: انتصار الديموقراطية وانهيار الشيوعية» (1997)، وأخيراً كتاب «صنع السلام» (1999)، الذي روى فيه كيف أن العادات السياسية المحلية خلال المحادثات بشأن اتفاق السلام مثّلت اختباراً لقدراته كمفاوض.