بول الأشقر«هنا تبدأ بوليفيا الجديدة»، بهذه الكلمات حيّا الرئيس البوليفي اليساري، إيفو موراليس، من شرفة القصر الجمهوري في العاصمة لاباز، الحشود التي تجمعت للاستماع إلى كلمته بعد حصول الدستور الجديد على ستين في المئة من أصوات الناخبين، حسبما أعلنت محطات التلفزة.
وقبل إعلان النتائج الرسمية، الذي سيتطلب أياماً إضافية، أعلن أول رئيس من السكان الأصليين للبلاد «إعادة تأسيس بوليفيا... وانتهاء الدولة الاستعمارية... بفضل وعي الشعب البوليفي».
إلاّ أن هذا البلد الواقع في منطقة «الأندس»، الذي يضم عشرة ملايين نسمة، لا يزال مقسّماً بين المعارضة اليمينية التي رفضت النص رفضاً قاطعاً في خمس مناطق تطالب بالحكم الذاتي. لذلك انتظر الزعيم الهندي قبل أن يتحدث إلى مناصريه توافق جميع مؤسسات العدّ السريع على وجهة نتائج الاستفتاء، مع أنه لا يزال هناك تمايزات عميقة في تفاصيلها.
ومع أن الترجيحات تشير إلى تأييد الدستور الجديد بـ60 في المئة من الأصوات، إلا أن التقديرات المختلفة تحدد النسبة بين 55 في المئة و65 في المئة. وإذا تأكدت نسبة الستين في المئة، يكون تأييد الدستور قد حصل على نسبة عالية، من دون أن تكون كاسحة، بتراجع ضئيل عن تلك النسبة التي نالها موراليس في آب الماضي عندما وضع ولايته على المحكّ (64 في المئة).
أما في ما يتعلق باستمرار الانقسام في بوليفيا، فقد ظهر ذلك من خلال النتائج في الولايات التسع: في بوتوزي ولاباز وأورورو وكوشابامبا، نال مؤيدو الدستور الجديد 76 و74 و68 و63 في المئة تباعاً، فيما نال المعارضون في تاريخا وبيني (65 في المئة) وسانتا كروز (64 في المئة) وباندو (60 في المئة). أما الولاية الأخيرة شوكيزاكا، فالأرقام جدّاً متقاربة، نحو 50 في المئة لكل جبهة، والفائز يختلف من تقدير إلى آخر.
وإذا قيس الاقتراع بحسب المناطق، فإن الأرياف اقترعت للدستور الجديد بنسبة كاسحة وصلت إلى 82 في المئة، فيما بقيت هذه النسبة ضيقة في المدن ولم تتخطّ 52 في المئة.
وفي سؤال آخر، خُيّر الناخبون إذا كان حدّ الملكية الأقصى يجب أن يكون 10 آلاف هكتار أو فقط 5 آلاف، وفاز الاحتمال الثاني بنسبة تتخطى 75 في المئة من الأصوات. وهنا أتى الجواب الانتخابي متجانساً في كل المحافظات، فيما تخطت نسبة التأييد 60 في المئة في الولايات المعارضة و80 في المئة في المحافظات الموالية.
ومن أهم التعديلات التي أدخلها الدستور الجديد، انتقال الحقوق الهندية من مجرد الاعتراف بها إلى حيّز التنفيذ، حيث سيُمَثَّل الهنود من الآن فصاعداً في جميع مؤسسات الدولة. كذلك أقر الدستور الجديد اللامركزية الإدارية على مستوى المحافظات والبلديات والشعوب الهندية، وأعاد الاعتبار لملكية الدولة في موارد الطاقة ولدورها في الخدمات الأساسية، وفصل الدين عن الدولة، ما يفسّر معارضة الكنيسة للمشروع الجديد. كذلك عدل القانون الانتخابي مؤسساً لدورة ثانية في الانتخابات الرئاسية، فيما كان الدستور القديم يعطي صلاحية انتخاب الرئيس للمجلس في حال عدم حصول أي مرشّح على الأكثرية المطلقة في الدورة الأولى.
وأجاز الدستور الجديد إعادة انتخاب الرئيس لولاية ثانية، رغم أن موراليس تخلى عن هذا الحق خلال التفاوض مع المعارضة. لكنه سيكتفي بالترشّح لولاية جديدة واحدة عند حصول الانتخابات في نهاية السنة الجارية.
وبذلك، تدخل بوليفيا الآن في مرحلة انتقالية دقيقة، إذ تتطلب سنّ نحو مئة قانون جديد، فيما لا تزال المعارضة تتمتع بالأكثرية في مجلس الشيوخ. وينوي موراليس الحكم بواسطة القرارات الرئاسية في حال عرقلة العمل التشريعي.