«أمن إسرائيل سيبقى ضرورة قصوى»أعطى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قناة «العربية» السعودية، أول مقابلة تلفزيونية رسميّة، في محاولة لتطبيق خطاب القسَم وتوجيه رسالة انفتاح على العالمين الإسلامي والعربي، والانخراط في عملية السلام، ولا سيما على المسار الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي، الذي قال إنّه سيبدأه «بالاستماع» إلى جميع الأطراف، معرباً عن أمله برؤية دولة فلسطينية في ولايته الأولى، من دون أن يغفل تأكيده أمن إسرائيل كأولوية. وبدا منفتحاً على العالم الإسلامي، مستحضراً خلفيته وجذوره الكينيّة الإسلاميّة وعلاقاته مع المسلمين، ليبعث برسالة تقول إنّ رسالة «التطرّف» التي يحملها تنظيم «القاعدة» لن تؤمّن للمسلمين حياة أفضلشكّل ملفّ السلام في الشرق الأوسط، وتحديداً السلام الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي، والعلاقات مع العالم الإسلامي، فحوى المقابلة التي أجرتها قناة «العربية» مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي بدا خلالها عازماً على «تحقيق السلام على أساس الدولتين»، ومنفتحاً على العالم الإسلامي «لإعادة التواصل بين الأميركيين والمسلمين».
وقال أوباما، عن جولة مبعوثه إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل ودوره الشخصي في السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إنّ «أهم شيء بالنسبة إلى الولايات المتحدة هو أن تنخرط مباشرة بالعملية»، واصفاً ميتشل بأنه «شخص يحظى بمكانة جيدة جداً، ولديه خبرة دولية في صناعة اتفاقيات السلام».
وأوضح أوباما أنه طلب من ميتشل أن يبدأ «بالاستماع»، لأنه في الغالب بدأت الولايات المتحدة بالإملاء، مشيراً إلى أنه (ميتشل) «سيستمع إلى كل أطراف النزاع، ثم سيبعث تقريراً لي، وعليه سنضع ردّاً محدّداً». وأضاف أنّه «في النهاية، لا يمكننا أن نخبر الإسرائيليين أو الفلسطينيين ما هو الأفضل لهم، عليهم أن يتخذوا بعض القرارات»، معرباً عن اعتقاده بأنّ اللحظة قد «حانت للطرفين كي يدركوا بأن طريق كل منهما لن يأتي بالازدهار والأمن لشعبيهما، وعليهما العودة إلى طاولة المفاوضات».
وأقرّ أوباما بأن الأمر «سيكون صعباً، وسيأخذ وقتاً»، وأشار إلى أنّه لا يريد أن يحكم مسبقاً، أو يرفع التوقعات إلى درجة الاعتقاد بأنّ المسألة ستُحلّ في غضون أشهر. لكنه أضاف «إذا ما بدأنا بتحقيق نجاح مضطرد، أنا واثق أننا ـــــ الولايات المتحدة بالعمل مع الاتحاد الأوروبي وروسيا والدول العربية ـــــ سنحقق تقدّماً بارزاً».
وعن كيفية العمل مع المنطقة وتغيير النهج القديم ومبادرة السلام العربية، قال أوباما إنّه «قد لا يتّفق مع كل جوانب اقتراح الملك السعودي، عبد الله، لكنها تطلبت شجاعة عالية». وتحدّث عن الحزمة الكاملة لحل مشاكل المنطقة، قائلاً إنّه «لا يمكنك التفكير في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي من دون التفكير في ما يحصل في سوريا أو إيران أو لبنان أو أفغانستان وباكستان»، وإنّه «إذا ما نظرنا إلى المنطقة ككل وبعثنا برسالة إلى العالمين العربي والإسلامي تقول إننا مستعدون لإبرام شراكة جديدة مبنيّة على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، عندها سنحقق تقدّماً».
وجدّد الرئيس الأميركي دفاعه عن أمن إسرائيل، قائلاً إنّ «إسرائيل حليف قويّ للولايات المتحدة، ولن يتوقفوا (العرب) عن كونهم حليفاً قوياً للولايات المتحدة، وسأستمر في اعتقادي أن أمن إسرائيل ضرورة قصوى، وأعتقد أنّ هناك إسرائيليين يدركون أهمية الحصول على السلام، وسيكونون مستعدّين لبذل التضحيات إذا كان الوقت مناسباً، وإذا كانت هناك شراكة جيدة من الجانب الآخر».
ورجح أوباما أن تبصر دولة فلسطينيّة النور في ولايته الأولى، رغم الإحباط الموجود ونفاد الوقت لحل الدولتين غالباً بسبب بناء المستوطنات. وقال إنّه «لن يضع جدولاً زمنياً لنشوء الدولة»، التي وصفها «بدولة جوار، تسمح بحرية التنقل لشعبها، والتجارة مع الدول الأخرى، وتسمح ببناء الأعمال والتجارة كي ينعم شعبها بحياة أفضل». وأضاف أنّ «وضع الشعب الفلسطيني لم يتحسّن، والمغزى من هذا كله أن يحصل الطفل الفلسطيني على حياة أفضل وأن يشعر الطفل الإسرائيلي بثقة على أمنه؟»، مشيراً إلى أنه «ينبغي التركيز على المستقبل، وليس التفكير بكل نزاعات الماضي ومآسيه».
وتحدث أوباما عن الفجوة بين العالم الإسلامي وأميركا التي تعمّقت بعد أحداث 11 أيلول والحرب على العراق، وعن تنظيم «القاعدة». وقال «عندما تسمع خطابهم (زعماء «القاعدة») تدرك أنهم مفلسون، لم يقوموا بأي عمل يشير إلى أن الطفل في العالم الإسلامي سيحصل على فرص أفضل للتعلّم بسببهم، أو على عناية صحية أفضل». وأضاف أنّه «في خطاب تنصيبي قلت: سيُحكم عليكم على ما بنيتم، لا على ما دمّرتم. وما يفعلونه التدمير، ومع الوقت أعتقد أن العالم الإسلامي سيدرك أن سبيلهم لا يقود إلى مكان، سوى مزيد من القتل والدمار». وأكّد أن لغة الحوار مع العالم الإسلامي يجب أن تكون لغة احترام، مضيفاً «أنا لديّ مسلمون في عائلتي، وعشت في بلاد إسلامية، في أكبرها، أندونيسيا».
وأشار سيّد البيت الأبيض إلى أن خبرته مع العالم الإسلامي جعلته يدرك أنّه بغضّ النظر عن الدين «العالم كله لديه آمال وأحلام مشتركة»، مضيفاً أنّ «مهمتي أن أوصل إلى الشعب الأميركي أنّ العالم الإسلامي مليء بأشخاص يريدون حياة أفضل لأطفالهم، أما مهمتي إلى العالم الإسلامي فهي إيصال رسالة بأن الأميركيين ليسوا أعداءكم، أحياناً نخطئ، لم نكن كاملين، ولكن إذا ما نظرتم إلى سجّلنا، أميركا لم تولد استعمارية».
وأكّد أوباما أنّ «العالم سيحكم على أفعالي لا على كلامي، وأعتقد أنه في السنوات المقبلة سترى أنني لن أوافق على كل ما يمكن أن يقوله بعض الزعماء المسلمين، لكنني أعتقد أنكم سترون شخصاً يسمع ويحترم، لا يحاول فقط تحقيق مصلحة الولايات المتحدة، بل الأشخاص العاديين الذين يعانون الآن من الفقر وافتقار الفرص».
ورفض أوباما الإفصاح عن اسم الدولة الإسلامية الأولى التي سيزورها لتوجيه خطاب إلى العالم الإسلامي في أول 100 يوم من ولايته كما وعد في حملته الانتخابية. وقال إنّه سيحقق وعوده. وعن المصطلحات التي استخدمها سلفه جورج بوش في شنّ «حربه على الإرهاب» كقوله «الإسلام الفاشي»، شدّد أوباما على أهمية اللغة، وقال إنّ «هناك منظمات أصولية سواء في الإسلام أو أيّ ديانة أخرى في الماضي، استخدمت الدين لتبرير العنف».
(الأخبار)


«يد ممدودة» لإيرانورغم هذا، شدّد أوباما على أهمية الحوار مع إيران. وأكّد أنّه سيتم وضع إطار عمل عام خلال الأشهر المقبلة لذلك. وجدّد دعوته «إذا ما أرادت دول مثل إيران أن تُرخي قبضتها، فستجد يداً ممدودة من جهتنا».
وكانت مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة سوزان رايس قد أعلنت، أول من أمس، في أول خطاب لها من نيويورك أنّ بلادها مستعدة للانخراط في دبلوماسية مباشرة مع إيران.