انطلقت الماكينة الخارجية الأميركية للعمل مع تولّي باراك أوباما السلطة، وأول اختبارات هذه الإدارة سيكون في نتيجة ما ستتمخض عنه الجولة التي يقوم بها موفدها إلى المنطقة جورج ميتشل
القاهرة ــ الأخبار
بدأ الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، أمس، جولته في المنطقة بزيارة القاهرة، حيث يلتقي اليوم مع الرئيس المصري، حسني مبارك، لينتقل بعدها إلى الأردن، ثم إسرائيل فالأراضي الفلسطينية.
وعقد ميتشل، أمس، سلسلة محادثات مع مسؤولين مصريين وعرب وغربيين، بعدما خوّله أوباما كل الصلاحيات اللازمة لإجراء محادثات «نشطة» والعمل على تحقيق «تقدّم حقيقي» نحو السلام.
واجتمع ميتشل مع المنسّق الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، في مطار القاهرة، قبل أن يتحوّل للقاء الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، وقد تمحورت المحادثات حول «ضرورة إحياء واستئناف عملية السلام وموضوع المصالحة الفلسطينية التي تعتبر ذات أهمية فائقة للتقدّم نحو حل النزاع الفلسطيني ـــــ الإسرائيلي، ونحو الاستقرار والسلام في منطقة الشرق الأوسط»، حسبما أعلنته الجامعة العربية. وسيطلع المسؤولون المصريون الموفد الأميركي على الجدول الزمني لتطبيق المبادرة المصرية لإنهاء الأزمة في غزة، الذي أعلنه وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، قُبيل وصول ميتشل، ويقضي ببدء سريان هدنة مستمرة خلال الأسبوع الأول من الشهر المقبل، ثم إطلاق المصالحة الوطنية الفلسطينية في الأسبوع الثالث من الشهر نفسه وعقد مؤتمر دولي حول إعادة إعمار غزّة قبل نهاية الشهر نفسه.
وكان أوباما قد حدّد الهدف من الجولة الأولى لميتشل في المنطقة وهو «الاستماع» إلى الأطراف المعنية بالنزاع في الشرق الأوسط «من أجل الخروج بأفكار بشأن الطريقة الكفيلة بترسيخ وقف إطلاق النار (بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة) من أجل ضمان أمن إسرائيل والعمل على أن يتلقى فلسطينيو غزة ما يحتاجونه من المواد الأساسية». وبالتزامن مع بدء جولة ميتشل، أطلقت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، سلسلة مواقف من واشنطن، بدأتها بالدفاع عن عدوان إسرائيل على قطاع غزّة، قائلة إنّ «إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها في مواجهة هجمات حركة حماس»، مضيفةً أنّ «وابل الصواريخ الفلسطينية الذي يقترب أكثر فأكثر من المناطق السكنية (في إسرائيل) لا يمكن أن يفوت دون ردّ». وأضافت «مما يؤسف له أن قيادة حماس ترى على ما يبدو أن من مصلحتها استفزاز حق الدفاع عن النفس بدلاً من بناء مستقبل أفضل لشعب غزّة».
وتحدثت هيلاري عن توجهات الإدارة الجديدة حيال الملفات الشائكة في المنطقة، وأشارت إلى أنها اتصلت بالقادة العراقيين لتؤكّد لهم دعم واشنطن لـ«عراق ديموقراطي ومستقل».
وعن عرض أوباما بفتح باب الحوار مع إيران، قالت وزيرة الخارجية إنه يعود للإيرانيين أن يقوموا بالخطوة الأولى. وأضافت «هناك فرصة واضحة للإيرانيين، كما عبر الرئيس أوباما خلال مقابلته التلفزيونية مع العربية، كي تبرز رغبة بالانخراط بفعالية مع المجتمع الدولي». وحذرت «من أن تصبح هذه اليد أقل امتداداً، فهذا يعود لهم».
ولم توضح كلينتون كيف ستتعامل إدارة أوباما مع إيران، أو كيف ستحكم إن كانت إيران راغبة في إجراء محادثات واسعة مع الولايات المتحدة. وقالت «هناك الكثير الذي نأخذه بعين الاعتبار، ولست مستعدة في الوقت الحالي لمناقشته».
وأشارت هيلاري إلى أن «العالم بدأ يتنفس الصعداء» منذ تولي باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة بعد «الأضرار التي سبّبتها إدارة جورج بوش السابقة». وقالت إن «الموقف حيال باقي العالم الذي تعتمده إدارة أوباما لقي تجاوباً كبيراً في الخارج». وأضافت أنّ «الناس يعبرون عن ارتياحهم حيال التوجّه الجديد في السياسة الأميركية». ولفتت إلى أن «هناك أضراراً كثيرة يترتب علينا إصلاحها»، معتبرةً أن تولّيها وزارة الخارجية في هذه الفترة تحديداً «شرف شخصي كبير».
وفي العلاقات الأميركية ـــــ الصينية، قالت هيلاري إنّها تعتزم إقامة «حوار شامل مع الصين والابتعاد بذلك عن سياسة إدارة جورج بوش السابقة» التي أشارت إلى أنها تركّزت على المسائل الاقتصادية دون سواها، قائلةً إنّ «الحوار الاستراتيجي الذي بدأته ادارة بوش تحول إلى حوار اقتصادي». ورأت أن «هذا منحى مهم جداً في علاقتنا، لكنه ليس المنحى الوحيد».
وفي سياق المفاوضات السداسية بين الكوريّتين والصين والولايات المتحدة واليابان وروسيا بشأن نزع سلاح كوريا الشمالية النووي، أشارت هيلاري إلى أنها محادثات «أساسية». وبذلك عبّرت عن عزمها على المواصلة في خط إدارة بوش بشأن برنامج بيونغ يانغ النووي، ما يعني المضيّ في مفاوضات متعدّدة الأطراف.